بأي حال عدت 30 نوفمبر
أنيس علوة
سبعة وخمسون عاماً مضت يا نوفمبر ليومك الثلاثين المجيد منذ ان أجلى أجدادنا وآباؤنا الثوار المستعمر البريطاني عن وطننا الجنوبي وها نحن نحتفل بذكراك ال57 المجيدة في أوضاع مأساوية أشد وطأًةً علينا من مآسي عاشها أجدادنا وآباؤنا الثوار
نوفمبر تعلمنا من ثوارك أن جلاء المستعمر فرض واجب علينا لننتزع حريتنا وننسلخ من ضيم المحتل وجبروته المثخن فوق أجسادنا المنهكة
أرواح ودماء قدمها الشهداء من الأباء والأجداد قربانا لك للنعم بعدهم برغد العيش وحياة كريمة فماذا قدمت لنا أنت؟؟
تغيرت الوجوه وتبدلت أشكال الاحتلال والاستعمار وأتى مستعمر تلو مستعمر ليسيطر على وطننا بمسميات متباينة لنرى أنه اليوم أشد قبحاً ودماراً من المستعمر البريطاني الذي لا زالات معالم ما بناه في وطننا الجنوبي شاخصة أمام أعيننا
قبل أن ياتي يومك الثلاثين المجيد كان لنا ميناء كثاني ميناء عالمي ترتاده السفن كل لحظة وترسو على شطه وها هو اليوم في عهد المستعمرين، الجدد خاوي على عروشه ولا يوجد بمرفاه ولو سفينة واحدة راسية
قبل ان يلد يومك الثلاثين المجيد كانت لنا مصفاة نفط عالمية تأتي إليها سفن وناقلات النفط للتكرير ونقل خام النفط ولا تخفت شعلتها ألبتة وها هي اليوم في عهد المستعمرين الجدد خافتة خامدة لا نار لها و لهب منذ سنين عجاف
قبل ان يبزغ نور يومك الثلاثين المجيد كانت لنا عاصمة اسمها عدن مبانيها شاهقة منظمة ، شوارعها نظيفة جميلة ،مشافيها بلسم وشفاء ياتي إليها العربان والعجم من فج عميق ليرتادوها ويستأنسوا بها وبعبق تمدنها وهواها العليل وها هي اليوم في عهد المستعمرين الجدد قرية موحشة مظلمة يتكالب اهالها الفقر والمرض وينهش لحمهم ودماءهم جلادو وفتوات هذا المستعمر الجديد البغيض
قبل مجيء عهدك الميمون كان التعايش والسلام سمة أهل وطننا الجنوبي وعاصمتنا عدن تعايش فيها المجوسي واليهودي والمسلم والعربي واليمني أخوة يتقاسمون رغيف الخبز برباط أشد متانة من رباط الدم وها هم المستعمرون الجدد وسياسة فرق تسد يبذرون المناطقية والقروية بين الجنوبيين ذي رابط الدم الواحد ويزرعون الأحقاد والضغائن بينهم ليقتل بعضهم بعضاً
عذراً شهداء أكتوبر ونوفمبر فانتم قدمتم الدماء والأرواح لجلاء المستعمر لننعم برغد العيش بعدكم ولكن ثوارنا الجدد اليوم يقدمون بطونهم وجيوبهم لتمتلىء بريالات ودراهم المستعمر الجديد لننعم بالبؤس واالشقاء
عذراً 30نوفمبر فأنت مجرد كذبة سمجة ككذبة أبريل تغنينا باستقلالنا فيها ورقصنا على وهم تحررنا لعقود من السنين فوق معاناة ومآسي وجراح شعبنا الجنوبي المنهك والمثقل بالشقاء والآلام والأحزان فليتك لم تلد وليتك لم تعد ٠٠٠
