البيع اساسه بيع علاقات
كتب : حسين أحمد الكلدي
في الحقيقة، إنّ العلاقات بين الناس هي في الأساس الاستماع والإصغاء لبعضنا البعض، والعلاقات هي المفهوم الحقيقي والأساسي لهذه الصلة. فالاستماع لمن يجلس معك ويُصغي لحديثك المهم بانتباه، هو ذلك الإنسان المهم لديك، الذي ينصت بإمعان حين تتحدث عما يشغل بالك.فمهمة مندوب المبيعات هي أن يكون ذلك الإنسان الذي يطلب عملاؤه منه الإنصات والاستماع إليهم أكثر مما يتحدث، فهذا الاستماع سوف يُوطّد الثقة بينك وبين عملائك؛ لأن الحديث ينتقل من العام إلى الخاص، وكلما استمعت أكثر وأتقنت الصمت، تكون قد فهمت بشكل أفضل. فالعملاء والناس جميعًا لا يشترون منك المنتجات وما تقدّمه لهم من خدمات، وإنما يشترون أخلاقك وأسلوبك الراقي أولًا، وبهذا يتقبّلون كل ما تعرضه عليهم من بضائع وخدمات؛ لأنك أقنعتهم بأنك تستحق الاحترام، وصرت لديهم صادقًا ومحبوبًا وكسبت ثقتهم. فالعملاء يريدون العلاقة أولًا، لأنهم يبحثون عن الشيء الذي يبدّد مخاوفهم، ويعتمدون عليه، ويثقون به، ويبحثون عن الشركة التي توفي بالتزاماتها بعد البيع، فهي التي يمنحونها الثقة. وكل العملاء يعتمدون على الشراء من مندوب المبيعات بناءً على حسن سلوكه وتعامله معهم وثقتهم به.فالعلاقة بين موظف المبيعات العملاء والشركة تستمر إلى ما بعد البيع، فالعلاقة في الحقيقة، بنظر العملاء، هي أهم من المنتج؛ لأن هذه المنتجات متوفرة من مصادر متعددة من المنافسين، والأسعار نتيجة التنافس قد تكون متقاربة. فالارتياح بين موظف المبيعات والعملاء هو، في الأساس، ما جعله يقرر الدخول في جعل تلك الشركة هي المورِّد الذي حظي بالثقة لديه. ومن المهم على موظفي المبيعات، عندما يتحدثون إلى عملائهم، أن يوضّحوا بصدق فلسفة الشركة أو المؤسسة، ويبيّنوا الهدف من التواصل معهم والانضمام إليهم، وذلك بتطوير وبناء علاقات معهم متينة وطويلة المدى. وعلى هذا الأساس، يجب أن تُبرهَن الأقوال بالأفعال، وذلك بالمتابعة، والمراعاة، والاستجابة السريعة للشكاوى، والدعم الفوري، وتوفير الطلبات، والخدمة، والحرص عليها، فهذه أهم الخطوات التي تدفع العملاء لاتخاذ قرار الشراء من مندوب الشركة. ولهذا، انتبه للاضطراب في العلاقات أو التذبذب في صدق التعامل معهم، وكن حريصًا على إنشاء علاقات متينة وصادقة مع العملاء الدائمين، وأيضًا التواصل مع العملاء المحتملين الممتازين الذين يتمتعون بالمصداقية في السوق. وتحدثنا في مقال سابق عن الصداقة، ولهذا، حتى في اتخاذ قرار الشراء، لن يشتري منك أحد إلا إذا وصل إلى قناعة بأنك تريد مصلحته. فجميع علاقات العمل الناجحة تقوم على صداقات بين الأطراف، ومندوبين المبيعات الجيّدون البارعون في عقد الصفقات ضمن الصداقات، فأينما ذهبوا يحوّلون تلك اللقاءات إلى مستوى عالٍ من الانتباه؛ فهم يتّسمون بالجاذبية والاهتمام بالآخرين، فيحظون بالمحبّة والقبول، وتُعقد معهم الصفقات التجارية الناجحة.فالعملاء يميلون إليك عندما تحبّهم، وتقدّرهم، وتتعامل بصدق، وتهتمّ بهم، دون أن تُفسد العلاقة الهامّة التي بُنيت بينك وبينهم، ودون أن تفقد مصداقيتك عندما لا تستمرّ في الحفاظ على الهدف الذي بُنيت عليه تلك العلاقة. فيطمع عميلك عند ضعف إمكانياته أو ضعف متابعتك، فتفقده وتفقد الهدف ورأس المال. ولهذا، احرص على التوازن المدروس، المبني على المصالح المشتركة بين الطرفين.
27 / 7 / 2025