السلطات السودانية تعلن بدء تبديل العملة... رغم رفض «الدعم السريع»
حددت السلطات السودانية، الثلاثاء، المقبل موعداً رسمياً لبدء استبدال العملة الجديدة بعدد من ولايات البلاد، وهي خطوة رفضتها «قوات الدعم السريع» سابقاً، محذرة من أن تؤدي إلى تقسيم البلاد.
وقال وزير الثقافة والإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة في بورتسودان، خالد علي الأعيسر، إن كل الترتيبات والاستعدادات الفنية والأمنية اكتملت لبدء عملية استبدال العملة في الفترة من 10 إلى 23 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي في كل من ولايات: البحر الأحمر، كسلا، القضارف، نهر النيل، الشمالية وإقليم النيل الأزرق.
وأضاف في تصريح صحافي، الأحد، أن القرار يصب في مصلحة حماية الاقتصاد الوطني ومحاربة العمليات الإجرامية التي تمت خلال الفترة الماضية.
ووفقاً للوزير، حدد سقف السحب النقدي اليومي للعميل بـ200 ألف جنيه سوداني أي نحو 80 دولاراً، مع إمكانية استخدام وسائل الدفع الإلكتروني دون قيود.
وأوضح الأعيسر أن التحويلات المالية من حساب إلى آخر، أو التعامل عبر عمليات الدفع الإلكتروني، ستتم وفق ما نظمته منشورات «بنك السودان المركزي».
واشترط «المركزي» أن تتم عمليات استبدال العملة الجديدة عبر حسابات مصرفية، من دون اعتماد آلية للإيداع والصرف بالكاش، ولقي هذا القرار انتقادات واسعة لكون الملايين من السودانيين لا يملكون حسابات مصرفية في البنوك.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن البنك المركزي طرح ورقة جديدة لفئة الألف جنيه في الفترة المقبلة، وهي أكبر ورقة مالية متداولة، مع تغيير شكلها وزيادة تأمينها لتصعيب تزويرها.
وعزا تلك الإجراءات إلى انتشار كميات كبيرة من العملات غير مطابقة للمواصفات الفنية من فئتي «الألف جنيه والخمسمائة جنيه»؛ ما أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية.
ووفقاً لخبراء مصرفيين، فإن الغرض من تبديل الفئتين الكبيرتين «حماية العملة الوطنية، وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف والاستقرار الاقتصادي، ومعالجة الآثار السلبية للحرب، بعد أن فقدت معظم البنوك والمؤسسات المالية العملات المحلية والأجنبية جراء عمليات السرقة التي تعرضت لها من قبل (قوات الدعم السريع) في الأيام الأولى للحرب».
وتسببت الحرب الدائرة منذ أكثر من 18 شهراً في أزمة سيولة حادة في مناطق القتال، رغم اعتماد المواطنين بشكل كبير على التحويلات المالية البنكية مقابل الكاش بخصم يصل إلى نسبة 10 في المائة.
وكانت «قوات الدعم السريع» قد رفضت تداول العملة الجديدة في المناطق التي تخضع لسيطرتها، مشيرة إلى أن القرار ينطوي على أجندة سياسية، هدفها تجفيف الكتلة النقدية في مناطقها، وإعادتها للنظام المصرفي الذي تتحكم فيه حكومة بورتسودان، ولوحت باستخدام الدولار عملةً رسميةً للتداول.
وتوقع الخبير الاقتصادي محمد الناير أن يؤدي تبديل فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه الذي تم الإعلان عنه إلى حل مشكلة شح السيولة؛ لأنه سيسحب الكتلة النقدية من تلك الفئات إلى القطاع المصرفي، ومن ثم يكون التعامل إلكترونياً.
وقال الناير لــ«الشرق الأوسط» إن استخدام التطبيقات المصرفية يعد أحد الحلول لطباعة النقود بكميات محددة، لتقليل التعاملات المالية بالكاش في عمليات البيع والشراء، لكن الحل الإلكتروني يتطلب تفعل شبكات الاتصالات ووجودها في كل الأماكن ليتمكن المواطن من شراء السلعة أو الخدمة والتعامل مع التطبيقات المصرفية.
بدوره، قال الخبير المصرفي، هاشم عبد الله، إن «(قوات الدعم السريع) والمتعاونين معها استولوا على كميات كبيرة من الكتلة النقدية، وأصبحت خارج خزائن البنوك، وهذا يؤثر سلباً في حركة دوران الكتلة النقدية عبر البنك والعملاء».
ورأى أن التحويلات المالية عبر التطبيقات البنكية لها أبعاد اقتصادية في تسهيل حركة تداول المنافع بين الأطراف دون اللجوء إلى العملة الورقية، كما تساعد في حركة المعاملات التجارية، واحتياجات ومتطلبات المواطن بيسر وسهولة.