فبراير الدمار
خرج عامة الشعب اليمني في الحادي عشر من فبراير في مسيرات مطالبة بترحيل النظام، وإلى تحسين الخدمات التي كانوا غرقانين فيها دون علمهم وعن جهالة طالبوا إلى تغييرها للأسوأ !!، رفعوا شعارات رنانة واسماء للجمع في الساحات، ولأننا نحن اليمانيون محبين للتقليد والمحاكاة ولو على حساب قطع رؤوسنا تقاطرنا بكل شوارع اليمن (الشعب يريد اسقاط النظام) على غرار ماكان يحدث حينها في مصر وليبيا وسوريا وتونس غير آبهين ولا مكترثين بما يخبئه لنا القدر حتى جاءت فاتورة ذلك أضعاف الأضعاف ماكان في الحسبان والتي يدفع ثمنها الشعب الغلبان الجاهل حتى الآن.
منذ رياح تغيير النظام دخلت البلاد في أتون ظلامية وأولى تلك النقاط السوداء الاقتصاد فبسبب الاضطرابات السياسية والأمنية ترنح فيها الريال اليمني وسجل ارقام تاريخية كان الريال 214 ريال في 2011م، أما اليوم يتخطى حاجز 2300!!!، بالإضافة إلى تدمير للبنى التحتية الحكومية والخاصة مما ضاعف من ازدياد رقعة الفقر والى انهيار الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطن، والى أحجام التجار وأرباب الشركات الخاصة نقل شركاتهم وبيوتهم التجارية ومواصلة عملهم الاستثماري إلى الخارج فاضطر التجار إلى نقل شركاتهم الاستثمارية إلى دول الجوار (الصومال -جيبوتي وغيرها) فانخفضت الإيرادات والأيدي العاملة ماكان ذلك ليحدث لو لا ثورة فبراير خاصةً بعد أن أثمرت وشجعت الى خروج الحوثي من كهوفه ليصرخ بالصرخة، فالحوثي وما ادراك ماهو الحوثي يعتبر أكبر معرقل للاقتصاد والنماء الوطني الشامل وللتنمية وإلى التعليم والاستقرار، فالخوثي أغلق آبار النفط وألغاز الطبيعي ونهب ثروات البلاد والعباد باسم الثورة وإسقاط النظام السابق وقام بالاستيلاء على كل مال وأصل حكومي، حارب التجار وفرض قيود وبنود وعقود طائفية دخيلة علينا (يوم الولاية والغدير والأسرى والمعراج.. إلخ ) فانهك المواطن والأرض والحرث، ولو لم تكن ذنب ثورة فبراير سوى إدخالهم الحوثي صنعاء لكفتهم أن يصب عليهم جمام غضب الشعب إلى يوم البعث.
لقد أدى التدهور الإقتصادي إلى تردي الأوضاع الاجتماعية ايضًا فالحرب التي اندلعت قبيل وبعد الثورة المشؤومة زادت إلى نزوح جماعي كبير وازدادت المخيمات وازدادت المعاناة التي لو وزعت على أكل الأرض لكفتهم، والى زيادة معدلات نمو الجريمة ( القتل والاغتصاب ...الخ) وإلى وقلة التعليم وانعدامه، وإلى ازدياد الأمراض النفسية والعقلية والجسدية نتيجة لذلك بالإضافة إلى قتل العديد منهم أما بالالغام أو من الموت جوعاً، وتعنيف للمرأة وحرمانها من أبسط مقومات الحياة وحقها في التعليم والمواطنة.
ما أن أتت الثورة حتى ازداد معدل التضخم النقدي وبلغ عنان السماء خاصة بعد نشوء مكونات وأحزاب جديد جميعها تسعى إلى تحقيق مآربها الخاصة، وبات الوطن غنيمة للاقوى كالحوثي مثلًا المدعوم من إيران وأصبح اليمن يتجزء ويتشظى من أمام ناظرينا كغزال جريح بين فكي أسد يقوم بأكله، رأسه حي يشاهد أشلاءه منعثرة أمامه!
لا خدمات ولا تعليم ولا طب ولا صحة ولا أمن ولا أمان ولا استقرار نفسي ولا رواتب للموظفين العاملين وأن وجدت لا تساوي عُشر متطلبات أسرته، فالحكومة لا تصدير لديها للنفط ومشتقاته وللمحاصيل والأسماك، ولا ضرائب دخل ولا موانيء كتلك التي كانت عليها قبل 2011م، وادخلوها في حالة حرب استنزاف لأكثر من عقد من الزمن لاحرب ولا سلم، وقائمة على ماتجود به المنظمات الدولية من منح وعطايا، الوضع متأزم يتدهور بشكل مخيف لن يستطيع مقال ما شرح ووصف ماهي عليه الناس تموت جوعاً تموت بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
أخيرًا وللأمانة أن من قام ثورة فبراير يجب أن يحاسبوا اولًا واخيرا، فهم الوحيدون من ادخلونا في بحار من الفوضى التي نعيشها والى حالة التدهور المعيشي والاقتصادي، فلولا ثورة فبراير ماكان هناك قتلى ومصابين وفقراء وعاطلين ومشردين ونازحين ولما سقط النظام والدخول إلى اللا نظام ولما هوت العملة المحلية ولما انقطع التعليم وقلت جودته ولما بتنا ننتظر مساعدات إنسانية وغذائية من المنظمات ولما كان تحالف ولما كان هناك حوثي،
ليبقى السؤال المطروح الآن هل ثورة فبراير كانت ثورة وأخرجت الناس من الفقر المدقع إلى الغناء أم العكس!!
ملاحظة هامة.. نعم كانت اختلالات كبيرة وفساد مالي وإداري في النظام السابق لم ينكره احدًا ولكن كان بالمقدور معالجتها وتصحيح مسارها، لكن ثورة فبراير تخطت الحواجز وزادت الطين بلة إلى سبعمائة ضعف والى أضعاف كثيرة واخرجنا من النظام السابق إلى النظام الغامض المجهول،
لذلك وفي الختام المرحلة تتطلب توحيد الجهود الحثيثة من قبل الحكومة والأطراف السياسية بالإضافة إلى دول التحالف من أجل وضع حلول اقتصادية إسعافية للنهوض بالبلاد والا فالحال لا يسر عدو ولا صديق.