التعليم المهني والمهاراتي: ركيزة أساسية لبناء الجنوب القادم
في مسيرة بناء دولة الجنوب القادمة، يبرز الاهتمام بالتعليم المهني والمهاراتي كأحد أهم التحديات التي يجب العمل عليها لتأسيس مجتمع متكامل ومستدام. فالافتقار إلى العمالة الماهرة في العديد من المجالات الحرفية والمهنية يشكل عقبة كبرى أمام تحقيق التنمية الاقتصادية والخدمية.
على سبيل المثال، في أبين، عندما يتعطل مولد كهربائي، يتم إرساله إلى عدن للإصلاح، وهذا يعكس نقص العمالة المهنية المؤهلة في المنطقة. هذه الفجوة تكشف ضعفاً في تأهيل الأفراد للقيام بمهام أساسية تلبي احتياجات المجتمع. والأكثر وضوحاً أن العديد من الحرف في الجنوب يمتهنها حالياً أبناء الشمال، الأمر الذي ظهر جلياً أثناء حملة الترحيلات الأخيرة، حيث تسببت في شلل الخدمات وخلق أزمة غير مدروسة.
تعاني الجنوب من تحديات كبيرة من أهمها نقص كبير في الفنيين المهرة لصيانة السفن والمولدات الكهربائية وغيرها من المهن الحرفية. معظم محلات الصيانة يديرها حرفيون يفتقرون إلى الخبرة العملية الأساسية، مما يؤدي إلى تجاوز المشكلات الصغيرة بحلول مكلفة وغير دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، هناك مهن حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة لا تزال بعيدة عن معاهد التعليم المهني الحالية، مما يعمق الفجوة بين احتياجات سوق العمل والتطور العالمي.
في الجنوب يواجه التعليم الجامعي والمهن اليدوية مشكلة بطالة متزايدة بين خريجي الجامعات الذين يرفضون العمل في المجالات المهنية والحرفية، مما يزيد من الضغط على سوق العمل. بالمقابل، يقل عدد مخرجات التعليم المهني، مما يؤدي إلى خلل واضح في التوازن بين التعليم العالي والتدريب المهني.
وهنا نقترح بعض الحلول والمعالجات التي قد تساعد مستقبلا في احتواء المشكلة ومنها :
- إعادة تفعيل المعاهد المهنية والمتخصصة التي تُركز على تدريب الشباب في المهن التي يحتاجها السوق المحلي، مثل صيانة السفن والمولدات الكهربائية.
- ربط التعليم المهني بالتكنولوجيا الحديثة من خلال تقديم دورات تدريبية في المجالات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية لتحفيز الطلاب على الانخراط في هذه المجالات.
- توفير التسهيلات للطلاب من الدعم المالي والتشجيع لاستقطاب أكبر عدد من الشباب، مما يساهم في سد الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل.
- تعزيز الوعي بأهمية العمل المهني ونشر ثقافة تقدير الحرف اليدوية والمهن التقنية كجزء أساسي من بناء الدولة.
في الختام ،التعليم المهني ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لبناء مجتمع متكامل وقوي يعتمد على أبنائه. إن تمكين الشباب بالمهارات المهنية يخلق جيلاً مسلحاً بالقدرة والعلم، ويضمن مستقبل الجنوب كدولة تعتمد على كوادرها. لذا، يجب أن نعمل جميعاً على تطوير التعليم المهني ليواكب احتياجات السوق ويرفع مستوى المهارات، لأن النجاح يبدأ بالاستثمار في الأفراد.