الاستنهاض الحضاري وتحدي العبور ،،

بقلم د. سعيد سالم الحرباجي 

هذا عنوان كتاب للدكتور : عبدالرزاق مقري .
والذي يستعرض من خلاله أهم العقبات ، وأبرز الصعوبات التي تقف في وجه حاملي المشروع الإسلامي .

الكتاب قيَّم ، وبحاجة أن يُقرأ بعناية لأهميته 
في كيفية التعامل مع تلك العقبات التي تقف في طريق المشروع الإسلامي.

 وفي هذه العجالة سنستعرض أبرز تلك  التهديات ( الخارجية )  التي تقف عقبة كأداء في طريق السير والتي تتمثل في الآتي :

أولأ : الدولة العميقة .
وأصحاب هذا المشروع تحدث عنهم القرآن الكريم فقال : { إنهم لا يكذبونك ، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } .
وهؤلاء هم أصحاب المصالح الشخصية ...
فهم يدركون جيداً صدق ما جاء به رسول الله ، ولكن في الوقت ذاته يعلمون أنَّ تلك الأفكار التي يدعو إليه الدين الجديد ...هي في الأصل تقويض لهيمنتهم الإقتصادية ، والسياسية ، والفكرية ، والإجتماعية والتي من خلالها يسيطرون على عقول الناس ، ويستعبدونهم .
ولذلك هم أول من وقف في وجه الرسول ، وحاولوا بكل ما أوتوا من قوة أن يقتلوا الفكرة في مهدها .

هذا الصنف يمثله اليوم (عتاولة النظام الحالي ، أو الدولة العميقة )  الذين ارتبطت مصالحهم السياسية والإجتماعية ، والإقتصادية ببقاء  هذه النظم الفاسدة .
لذلك فهم يرون أنَّ المشروع الإسلامي خطر وجودي على مستقبلهم .
فهؤلاء منطلقاتهم ذاتية ، إنانية ، مصلحية ، لا علاقة لها بمصالح الشعوب !!!
ولكنهم يتخندقون وراء شعارات براقة يدغدغون بها مشاعر السذج من الناس كي تقف سداً منيعاً في وجه المشروع الجديد .

لذلك هم يستميتون في حربهم الشعواء ضد حاملي المشروع الإسلامي ، فيشنون الحملات الدعائية ،وينشرون الإشاعات الكاذبة ،  ويوجهون الإعلام للنيل من قادة هذا المشروع الجديد ،وتشويه سمعتهم ، وربما وصل بهم الأمر إلى التصفيات الجسدية .

وتاريخ هذا الصنف ، وأفعاله الدنيئة ، والإجرامية مع المشروع الإسلامي منذ ولادته لا تخفى على أحد ، وما فعلوه مع الرسول ، وصحابته خير شاهد على ذلك ...

وعتاولة اليوم يسيرون على نهجهم ، ويقتفون أثرهم ، ويخطون خطوهم ....لكأنما يلوون عنق التأريخ ليعيدوا عجلة الزمن ، ويكرروا ما فعله أسلافهم بتلك النواة وهي لا تزال في مهدها .

ثانيأ : المشروع الصهيوني.
أصحاب هذا المشروع يعتبرون المشروع الإسلامي نقيض وجودهم تماماً .
ذلك أنَّ وجود مشروع بخلفية دينية عقائدية لا  يمكن له أن يغضٌَ الطرف عن المسجد الأقصى ، وتحرير كل فلسطين ، ولا يمكن له أن يدخل في مساومة مع اليهود ألبتة .

ولهذا سيتحالفون مع الدنيا بأسرها حتى لا تقوم قائمة لهذا المشروع .
وهذا  هو سر العِداء السافر من قبل الصهيونية العالمية للمشروع الإسلامي.

ثالثأ : الغرب .
والغرب تاريخه مع الدين أليم جداً ..
فلقد عاش الغرب قروناً مظلمة ، وعانى من التخلف ، والفقر ، والجهل ، والمجاعة ،  والحروب ...
وحينما استفاق بدايات عصر النهضة أعتقدوا أنَّ  الديانة الكاثولوجية المسيحية هي السبب الرئيس لتخلفهم .
 لذلك قرروا التخلص منها ومحاربتها عبر مسارين اثنين .

المسار الأول : هو مسار الإصلاح الديني ، والذي يتمثل في مواجهة التدين بالتدين ..
فاخترعوا الديانة ( البروتستانية ) وأفردوا لها علماء دين يتماهون مع الحكٌَام  ويشرعون لهم وفقاً لهواهم .
ورفعوا شعاراً عنوانه  ( ما لله ..لله ،وما لقيصر ... لقيصر ) ففصلوا الدين عن الدولة ، وعلمنوا الحكم .
فبقيت الكنيسة تؤدي طقوساً جوفاء لا روح فيها ، ولا علاقة لها بمصالح الناس وعمَّقوا تلك المفاهيم في عقول الناشئة حتى صنعوا أجيالاً منفصلة تماماً عن الدين ، بل وتكن العِداء لكل ما له صلة بالتدين .

ولا يزال الغرب حتى هذه اللحظة يعاني من تلك 
الأفكار الهدامة ، بل لم يكتفوا بذلك وحسب ....
وإنما أوجدوا لهم طبقة من أبناء المسلمين يتبنون تلك الأفكار ، ويجتهدون في نشرها ، والدفاع عنها .

وهذا ما نلمسه في واقع حياتنا ....
فهناك علماء دين يسبحون بحمد الحكام ، ويشرعون لهم وفقاً لمصالحهم ، ويدعون إلى وجوب طاعتهم تحت أي ظرف من الظروف ، ويقفون إلى جانبهم ، ويدعون إلى حمايتهم .

وفي المقابل هناك شريحة واسعة يدعون إلى الحداثة ، والتطور وووو...
 وهم يقصدون بذلك أن نتبع الغرب ، وأن نقلدهم وأن نسير على خطاهم ، وننسلخ من ديننا .

 فهاتان الشريحتان تقفان -وبقوة - في وجه أي مشروع حضاري بخلفية دينية ، وذلك لأن مصالحهم مرتبطة ببقاء هذه النظم الفاسدة.

فلا غرابة اليوم أن نرى هاتين الشريحتين ..
كيف يقفون بعنف في وجه المشروع الإسلامي ، ويعارضون  كل دعوة للتخلص من هذه النظم الظالمة ،  ويرفضون كل صيحة للدعوة إلى الحرية .

المسار الثاني : الدعوة إلى الإلحاد ، ونكران الوحي السماوي .
وكان من نتائج هذا المسار  انتشار  تيارات ربوبة لا تؤمن بالدين ، وتدعو إلى الإباحية ، والإلحاد ، والكفر..
فهيمنة الراسمالية على العالم بأسره .

لذلك هم يرون أنَّ المشروع الإسلامي يتقاطع مع مصالحهم ، وخطراً على مستقبلهم ..
فالإسلام لا يؤمن بفكرة الرأسمالية إطلاقاً ، ولديه مشىروعه الإقتصادي الخاص به .

ولذلك قرروا محاربة المشاريع ذات الخلفية الإسلامية .

علاوة على ذلك فهناك بعد آخر ينظرون إليه كأخطر تلك الأبعاد على الإطلاق والذي يتمثل في أهمية المنطقة العربية ، وموقعها ( الجيو استراتيجي ) .
فهم يدركون جيداً أنَّ منطقتنا العربية تزخر بالموارد البشرية ، والطبيعية ، ولديها إرثها الديني ، والحضاري .

وقد أثبت التأريخ أنَّ من يتحكم في تلك المنطقة ...يتحكم في العالم .

لذلك تتصارع عليها كل القوى الدولية لإدراكهم بأهمية موقها الجغرافي ، ولكنهم متفقون جميعاً على عدم وصول مشروعات بخلفية إسلامية عقدية .
فهم - جميعاً - يعلمون أنَّ أبرز صفات أصحاب المشروع الإسلامي أنَّهم يتميزون بخصيصة السيادة
 وعدم التفريط فيها ، وأنَّ لديهم مشروعهم الخاص بهم ، المنطلق من أسس عقيدتهم ، ومبادىء شريعتهم ، ونهج كتابهم .

لذلك كل تلك القوى تتصارع فيما بينها على مصالحها الخاصة بها ، ويختلفون فيما بينهم إلى درجةالإحتراب ..

لكنهم جميعاً متفقون على وأد كل مشروع بخلفية عقدية إسلامية .

ومن هنا كانت هذه الحرب الشعواء  الموجهة لحاملي المشروع الإسلامي.