العنوان: حين يصبح المنصب أداة إرضاء
بقلم: صفاء المليح
في كثير من المواقع الحساسة، حيث تُتخذ القرارات وتُرسم مصائر الناس، يفترض أن تكون الكفاءة والعدل هما الحَكَم الوحيد. لكن الواقع يُظهر لنا مشاهد مختلفة، حين تتحول المناصب إلى أدوات تُدار بها نزوات أو تُرضى بها مشاعر، على حساب الحق وأصحابه.
ومن أخطر تلك المشاهد، أن يُستغل المنصب لإرضاء الشريك، لا في إطار دعم الأسرة أو تحقيق استقرارها، بل في سبيل إشباع غيرةٍ شخصية، أو رغبةٍ دفينة في تحطيم نجاح لا يُحتمل.
قد يشعر أحد الزوجين بالانزعاج من شخص ناجح في بيئة عمل الشريك، لا لذنبٍ اقترفه، بل فقط لأن حضوره الطاغي يوقظ مشاعر المقارنة أو النقص. فتبدأ ضغوطات داخلية تُمارَس على الطرف الآخر:
– "لقد سُرق منك البريق."
– "الناس يتحدثون عنه أكثر منك!"
– "إما أن توقفه… أو أنت أقل منه."
وهنا تبدأ الانزلاقات الأخلاقية: تصفية خفية، تقييمات جائرة، قرارات ظالمة… كلّها تخرج من مكتبٍ رسمي، لكنها تولد من نزوة خاصة. ويتحوّل صاحب المنصب من أمين على مصالح الناس، إلى أداة في يد العاطفة.
لكن ما لا يدركه من يُحارب النور، أن الله قد يبارك في المظلوم، ويزيده ثباتًا. فكل محاولة لإسقاطه، لا تُضعفه، بل تكشف نُبله، وتزيده قوّة.
فالنار لا تحرق الذهب… بل تصقله.
والمواقف الظالمة قد تتحوّل إلى منابر، يعلو بها من صبر، وانكسر بها من ظلم.
قال الله تعالى:
"إِنَّ ٱللَّهَ يُدَٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوٓاْ" [الحج: 38]
وقوله جلّ وعلا:
"وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗا" [آل عمران: 178]
فما كان لغيرةٍ شخصية أن تُقدَّم على ميزان الحق، وما كان لمنصب أن يُستعمل لهدم كفاءة، أو كسر نفس، أو إسكات نورٍ ساطع.
إن كنا نريد مجتمعات عادلة، فلنحفظ مواقع المسؤولية من الأهواء، ولنربّي أنفسنا على أن القوة ليست في محاربة الناجحين، بل في صُنع مساحة لهم… جنبًا إلى جنب مع الآخرين.