القدس: تغيير لاسم "مكتب الشؤون الفلسطينية" في سفارة الولايات المتحدة بالقدس إلى "Palestinian Audiences – U.S. Embassy Jerusalem يثير جدلاً سياسيًا
تغيير الاسم ليس مجرد مسألة لغوية، بل هو في جوهره تحجيم تدريجي لفلسطين كقضية سياسية ويهدف إلى طمس البعد السياسي للوجود الفلسطيني، وخاصةً في القدس، وتحويله إلى قضية إدارية وديمغرافية بحتة

(أبين الآن) متابعات
أثار قرار الولايات المتحدة تغيير اسم “مكتب الشؤون الفلسطينية” التابع لسفارتها في القدس إلى “Palestinian Audiences – U.S. Embassy Jerusalem”، موجة من الانتقادات، وسط تحذيرات من تداعياته السياسية على مكانة القضية الفلسطينية.
ويرى مراقبون أن الاسم الجديد يعكس تحولاً واضحاً في لغة الخطاب السياسي والدبلوماسي الأميركي تجاه الفلسطينيين، إذ يُجرّد الفلسطينيين من صفتهم كطرف سياسي، ويصوّرهم كمجرد “جمهور” متلقٍّ، ما يُعدّ تراجعًا في التعامل مع الملف الفلسطيني كقضية سياسية ذات أبعاد سيادية ودولية.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تعكس تعزيزًا للاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل، وتقويضًا لأي إشارات إلى القدس الشرقية كعاصمة محتملة للدولة الفلسطينية في المستقبل.
تغيير الاسم ليس مجرد مسألة لغوية، بل هو في جوهره تحجيم تدريجي لفلسطين كقضية سياسية، وهدفٍ لخدمة العلاقات العامة. وهذا يتناقض بشكلٍ مُقلق مع الرؤية الإسرائيلية الهادفة إلى طمس البعد السياسي للوجود الفلسطيني، وخاصةً في القدس، وتحويله إلى قضية إدارية وديمغرافية بحتة، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية “معًا”.
ورغم أن التغيير يحمل طابعًا إداريًا في ظاهره، إلا أن خبراء في العلاقات الدولية وصفوه بأنه يحمل رسائل سياسية عميقة، ويجسد تراجعًا خطيرًا في الاعتراف الأميركي بالقضية الفلسطينية كملف دبلوماسي مستقل.
ما الفرق بين «الشؤون الفلسطينية» و«الرأي العام الفلسطيني»؟
• وحدة الشؤون الفلسطينية:
ويشير الاسم القديم إلى وحدة متخصصة تعنى بالمسائل السياسية والإدارية المتعلقة بالعلاقات الثنائية مع الشعب الفلسطيني وقيادته، في إطار الاعتراف الضمني بوجود كيان سياسي.
الوظيفة العامة الفلسطينية:
ويعطي التصنيف الجديد للبعثة بعدا من “الدبلوماسية العامة” من خلال مخاطبة الجمهور باعتباره شعبا عاما وتجنب الانخراط في القضايا السياسية أو قضايا حقوق الإنسان، وهو ما يعني ضمنا رفض الاعتراف السياسي بالفلسطينيين كطرف تفاوضي.
ماذا حدث!
خلال فترة ولاية الرئيس ترامب الأولى في عام 2019، وفي إطار قرارات ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قررت الولايات المتحدة إغلاق القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، والتي كانت رمزاً سياسياً لمعاملة القدس كأرض محتلة.
رغم وعد بايدن بإعادة الوضع إلى ما كان عليه وإعادة فتح مبنى القنصلية في القدس، إلا أنه اقتصر على إنشاء مكتب ملحق بالسفارة يُسمى “مكتب الشؤون الفلسطينية”. رسميًا، كان يُعامل كقنصلية، ويتبع مباشرةً لوزارة الخارجية في واشنطن، وليس للسفير الأمريكي في إسرائيل. غادر جورج نول، رئيس مكتب الشؤون الفلسطينية، المكتب قبل عدة أشهر، وودّع الشعب الفلسطيني، واعتذر عن عدم قدرته على فعل الكثير. خلفه لفترة وجيزة هانز ويكسل، الذي غادر المنصب لاحقًا.
غيّرت السفارة الأمريكية في القدس مؤخرًا اسم قسم الشؤون الفلسطينية التابع لها إلى “الدبلوماسية العامة – المكتب العام الفلسطيني”. أثارت هذه الخطوة تساؤلات عديدة حول تداعياتها القانونية والسياسية، وتأثيرها على نهج واشنطن تجاه القضية الفلسطينية ومكانتها على الأجندة السياسية الأمريكية. بل قد تحمل هذه الخطوة دلالات ومؤشرات على موقف الإدارة الأمريكية الحالية تجاه الفلسطينيين.
مع أن هذا التغيير قد يبدو إداريًا أو شكليًا، إلا أن الخبراء يعتقدون أنه يعكس تحولًا في النهج الأمريكي في التعامل مع الفلسطينيين. فلم يعد يُنظر إلى الفلسطينيين كحزب سياسي يُنظر إليهم كـ”مشكلة” أو “رقم قضية”، بل مجرد “جمهور” تُوجَّه إليه الأنشطة العامة والإعلام والعروض الثقافية.