الرواتب وعملية الإصلاح المالي ومحاربة الفساد لابد أن تسير بالتوازي

( أبين الآن ) جهاد حفيظ
تأخير صرف الرواتب وأثره السلبي على المواطنين خاصة الفئات الأكثر تضررًا مثل الموظفين ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين والعسكريين هذه قضية حيوية تتعلق باستقرار الأسر وكرامتها وباستقرار البلاد ككل فلا يمكن لأي عملية إصلاح مالي أو محاربة للفساد أن تنجح إذا لم تَسِر بالتوازي مع ضمان تدفق الرواتب بشكل منتظم الموظف والعسكري هما عماد الدولة وأداة تنفيذ سياستها ولا يمكن أن يكونا فاعلين إذا كانا يعانيان من هموم المعيشة اليومية.
تقديم المساعدة المباشرة لدفع رواتب موظفي دولة ذات سيادة هو إجراء غير مألوف للغاية عادةً ما يكون دور هذه المؤسسات مثل صندوق النقد الدولي البنك الدولي أو مؤسسات التمويل العربية كما يلي المساعدة الفنية وتقديم المشورة لتصحيح الاختلالات المالية وإعداد موازنات واقعية ووضع خطط للإصلاح الاقتصادي المنح والقروض الميسرة يمكن أن تقدم هذه المؤسسات قروضًا أو منحًا لخزينة الدولة بشكل عام لسد عجز الموازنة أو دعم برامج الحماية الاجتماعية مما يساعد بشكل غير مباشر في توفير السيولة اللازمة لدفع الرواتب.
برامج الدعم والمساعدات الإنسانية تركز هذه البرامج مثل تلك التي تقدمها الأمم المتحدة أو الهلال الأحمر والصليب الأحمر على الفئات الأكثر ضعفًا النازحين المشردين المتأثرين بالكوارث، وليس على دفع رواتب موظفي الدولة.
والمواطن لا يكترث بأي مسميات طالما سيجد قوت يومه ولأسرته ولأن معاناة الموظف في ظل توقف المرتبات والتي وصلت إلى أربعة أشهر أوصلتنا للمطالبة بالبطاقات الإغاثية والتي تنطبق على هذه الحالات الإنسانية وليس على موظفي القطاع العام بشكل منهجي.
بخصوص دور المؤسسات الوطنية هنا قد يكون هناك مجال لأفكار بديلة مؤقتة حتى استقرار الوضع المالي ومنها صناديق التضامن الاجتماعي الوطنية يمكن إنشاء أو تفعيل صناديق تمويل وطنية تعتمد على التبرعات الطوعية من رجال الأعمال والموسرين كما أشرت في هذا المقال لدعم الفئات الأكثر احتياجًا من المتقاعدين وأصحاب الرواتب المتدنية ليس كبديل للراتب ولكن كمساعدة معيشية طارئة.
مثل برامج الدعم العيني بدلاً من النقد يمكن لجهات العمل بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني توفير سلع أساسية مواد غذائية أدوية للموظفين المتضررين لتخفيف العبء.
تسهيلات ائتمانية يمكن للبنوك الحكومية أو الخاصة بتشجيع من البنك المركزي تقديم قروض ميسرة للموظفين والعسكريين بضمان رواتبهم المستقبلية لمساعدتهم على تجاوز فترات التأخير.
الحل الجذري والمستدام لا يكمن في الاعتماد على المساعدات الخارجية أو المؤقتة بل في معالجة الأسباب الأساسية التي أدت إلى أزمة السيولة تعزيز الإيرادات العامة بكل صرامة وترشيد الإنفاق العام بمراجعة أولويات الإنفاق وتقليل الهدر والفساد والإصلاح الهيكلي ومكافحة الفساد بجدية واستعادة الأموال المنهوبة وضمان توجيه الموارد إلى مكانها الصحيح هذا هو أحد أهم مصادر التمويل لخزينة الدولة.
رسالتنا القوية والتي تعبّر عن معاناة حقيقية توصيل هذا الصوت إلى صُنّاع القرار بطريقة مهنية وواضحة هو أمر في غاية الأهمية نأمل أن تؤخذ هذه الملاحظات على محمل الجد، لأنه بالفعل كما قلت الرواتب وعملية الإصلاح المالي ومحاربة الفساد لابد أن تسير بالتوازي.