الجنوب الذي لم ينكسر بلا جيش.. لن ينقسم وهو يملك جيشًا يحمي الأمة
في لحظة مفصلية من تاريخ اليمن، حين تحالف الحوثيون مع قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح وسيطروا على صنعاء في سبتمبر 2014، كانت الشرعية اليمنية في حالة انهيار، تبحث عن ملاذ في الرياض ومأرب. وفي مارس 2015، انطلقت عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية لدعم الشرعية، وتركّزت الضربات الجوية في صنعاء ومأرب، بينما تُرك الجنوب، وعدن تحديدًا، لمصيره.
في تلك اللحظة، لم يكن في عدن جيشٌ نظامي، ولا مؤسسات رسمية، ولا دعم عسكري مباشر. ومع ذلك، وقف الجنوبيون، بصدورهم العارية، في وجه آلة الحرب الحوثية لأكثر من ثلاثة أشهر، وأداروا شؤونهم كما لو أنهم دولة قائمة بذاتها.
الجنوب في مواجهة الغياب الكامل للشرعية
- المقاومة الجنوبية تشكّلت من الأهالي، من الشباب، من رجال الأمن المسرّحين قسرًا، ومن كل من آمن بأن الأرض لا تُسلّم.
- لم يكن هناك دعم عسكري مباشر في البداية، لكن صمود الجنوبيين أجبر التحالف على إعادة النظر، فبدأ الدعم يتدفق بعد أن أثبت الجنوب قدرته على إدارة المعركة وحده.
- الشرعية اليمنية لم تكن موجودة في عدن، بل أُعيدت إليها بعد التحرير، بفضل التحالف العربي.
إدارة الدولة من تحت الركام
رغم غياب المؤسسات الرسمية، أدار الجنوب شؤونه بفعالية:
- أعيد تشغيل الكهرباء والمياه والمستشفيات، وتم تنظيم الأمن الداخلي.
- ظهرت قيادات ميدانية ومجتمعية نظّمت الصفوف، ونسّقت الجهود، وفرضت النظام.
- تم احتواء الفوضى، وبدأت عدن تتنفس من جديد، بجهود جنوبية خالصة.
هذه الوقائع ليست مجرد سرد تاريخي، بل دلائل واقعية على قدرة الجنوب في إدارة دولته، حتى وهو بلا جيش، وبأقل الإمكانيات، وفي ظل حصار سياسي وعسكري.
واليوم.. الجنوب يمتلك جيشًا موحدًا ومجهزًا
بعد تحرير عدن في يوليو 2015، لم يكتفِ الجنوب بالصمود، بل بدأ ببناء جيشه من جديد:
- تأسست المقاومة الجنوبية، ثم تطورت إلى قوات مسلحة جنوبية منظمة، بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
- تلقّى الجيش تدريبًا عاليًا، وتسليحًا متطورًا، بدعم من التحالف العربي، خاصة الإمارات.
- أصبح للجنوب قوات برية وبحرية وجوية، قادرة على حماية حدوده، ومكافحة الإرهاب، وتأمين الملاحة الدولية في باب المندب وخليج عدن.
هل سينقسم الجنوب إذا استقل؟
هذا الطرح لا يصمد أمام الواقع:
- الجنوب أثبت وحدته في أحلك الظروف، حين لم يكن هناك جيش ولا دعم.
- اليوم، الجنوب يملك مؤسسة عسكرية منظمة، تمثل الإرادة الشعبية وتحترم الانضباط والمهنية.
- المخاوف من الانقسام تُروّجها أطراف فقدت نفوذها، وتخشى من نموذج جنوبي ناجح ومستقل.
في التحليل السياسي المستند إلى الوقائع
- أن التحالف العربي بدأ عملياته في 26 مارس 2015، وركّز أولًا على مأرب وصنعاء.
- عدن واجهت الاجتياح الحوثي دون دعم مباشر في البداية، حتى تدخل التحالف لاحقًا.
- المقاومة الجنوبية صمدت لأشهر، وأثبتت قدرتها على إدارة المعركة، ثم إدارة المدينة بدون إمكانيات .
- الدعم الجوي بدأ لاحقًا، لكنه لم يكن بنفس الكثافة التي شهدتها جبهات مأرب وصنعاء.
خلاصة ما أريد قوله:
من قاتل بلا جيش، وأدار دولة تحت النار، لا يُخشى عليه من الانقسام. الجنوب اليوم ليس مجرد حلم سياسي، بل واقع مؤسسي، عسكري، وشعبي. ومن يروّج لانقسامه إن استقل، عليه أن يراجع التاريخ القريب، حيث كانت الوحدة الجنوبية أقوى من كل مؤامرات التفكيك.