هنيئًا للمخا وميناء المخا
هنيئًا للمخاء…
لا لأنها مدينة خرجت من رحم المعاناة فحسب، بل لأنها استطاعت أن تحافظ على توازنها، وأن تشق طريقها بهدوء بعيدًا عن الفوضى.
وهنيئًا لمينائها، لا لكثرة السفن وحدها، بل لأنه ظل مرفقًا عاما يؤدي وظيفته، بعيدًا عن الاستقطاب، ومحصنًا من أن يتحول إلى شعار عابر أو عنوان للاستهلاك الإعلامي.
في مرحلةٍ تتعاظم فيها التحديات أمام المرافق السيادية، يبرز ميناء المخاء كتجربة إيجابية تستحق القراءة المتأنية، لا بوصفها استثناءً يقارن بغيره، بل كنموذج عملي يؤكد أن حسن الإدارة يصنع الفارق، مهما كانت الظروف.
هنيئًا للمخاء…
لأنها أثبتت أن الإدارة ليست حدثًا طارئًا، وأن الأمن ثمرة تنظيم وتعاون،
وأن التنمية مسار تراكمي يبدأ بقرار مسؤول، حينها يتحرك الواقع قبل أن تسبقه الكلمات.
لم يعد ميناء المخاء مجرد رصيف بحري، بل بات رسالة هادئة مفادها أن المرافق العامة يمكن أن تؤدي دورها الطبيعي متى ما أُديرت بعقل مؤسسي، ورؤية تخدم المصلحة العامة.
وفي بلد يواجه ضغوطًا اقتصادية وإدارية كبيرة، يأتي هذا النموذج ليطرح تساؤلًا مهنيًا مشروعًا:
كيف يمكن تعميم التجارب الناجحة؟
وكيف تتحول النجاحات المحلية إلى سياسات مستدامة؟
فالتحدي لم يكن يومًا في الموارد وحدها، بل في آليات الإدارة، وفي وضوح الأولويات، وفي ترسيخ مبدأ أن المرفق العام مسؤولية وطنية مشتركة.
هنيئًا للمخاء،
لأنها اختارت العمل الهادئ، وقدمت الأداء على الضجيج، وجعلت من الإنجاز لغة يفهمها الجميع.
وهنيئًا لميناء المخاء الذي يؤكد أن اليمن، رغم كل ما مر به، ما زال قادرًا على إنتاج نماذج تبعث على الأمل، وتعزز الثقة بإمكانية النهوض.
هذا الميناء لا يحتاج إلى مبالغة في الإشادة، بل إلى دراسة تجربته، واستخلاص دروسها في إدارة المرفق العام، وفي حفظ الأمن دون استعراض، وفي بناء الثقة بين المؤسسة والمجتمع.
هنيئًا للمخاء…
ليس باعتبارها تجربة معزولة،
بل باعتبارها إشارة إيجابية إلى ما يمكن تحقيقه.
حين تتقدم المصلحة العامة،
ويدار الشأن العام بروح المسؤولية.


