نقابة المعلمين في أبين.. ما هذا الصمت المطبق الغريب!
في مشهد يتكرر كل عام، تدشن الجهات الرسمية "الحكومية" العام الدراسي الجديد بمحافظة أبين ومديرياتها مترامية الأطراف تفتتح بكلمات منمقة وابتسامات من قبل مدراء مكاتبها، ابتسامات أمام الكاميرات ولقاءات وأحاديث ودية وعن "الرسالة السامية" و"صناعة الأجيال" و"الاستثمار في العقول"، وكثير من هذا الكلام الفارغ المستهلك مع بداية كل عام، بينما لو عدنا قليلًا وتحدثنا عن المعلم وعن حقوقه الغائبة والذي يعتبر الركيزة الأولى لهذا المشروع التربوي العظيم والذي يرزح تحت وطأة "الفقر"، ويصارع "القهر"، ويعيش واقعًا مؤلمًا ومريرًا لا يليق به ولا بأسرته أن يعيشوا هذا الذل والمهانة فلا أحد يذكرها ولو ببنت شفة.
ربما نعم بدأ العام الدراسي بمحافظة أبين، وخطبت الخطب، وتوزعت التصريحات يمنة ويسرة، وتلونت الجدران بشعارات "العودة إلى المدارس"، لكن خلف هذا الوهج الإعلامي "الأصفر" هناك معلم "مسحوق" لا يجد ما يضعه في حقيبة أولاده أو بالأصح مايضعه في معدة أولاده يسد به رمق يومهم؛ معلم يجلس على كرسي الصف أمام التلاميذ وهو مهموم ومديون ومقطوع عنه راتبه الشهري الذي لا يساوي شيء، وفي نفس الوقت مطالب بتأدية عمل وحصص نموذجية وخطط وبرامج وحضور وانصراف!!، والمسكين لا يعلم كيف سيؤمن وجبة الغذاء له ولأسرته!.
المؤلم أكثر والمحز في النفس أن هذا كله يحدث وسط صمت أو تواطؤ من نقابة المعلمين في المحافظة، والذي كان يفترض بها أن تكون درعه الواقي وصوته المدافع عن حقوقه، لكنها اليوم غائبة، أو متماهية مع من يفرض هذا الواقع، ظهرت خرساء بلهاء
لا بيانات ولا تحركات ولا إعلان عن إضرابات تذكر، وكأن المعلم صار وحيدا يصارع في معركة الكرامة، لو تابعنا ماقامت به نقابة المعلمين بمحافظتي عدن والضالع، اللتين قادتا حراكًا نقابيًا شرسًا وحصلتا على حافزًا "معنويًا" نوعًا ما
(خمسون ألفًا) لكل معلم،
ليتبادر إلى الذهن لماذا نقابة أبين لاتعمل تنسيقًا مع محافظنا أبوبكر حسين حتى يخطوا على خطى "لملس" وجارتها الضالع!
رسالة قصير لأولياء الأمور فأنتم الآخرون مقصرون تجاه المعلمين.. أخبروني كيف تطالبون المعلم أن يعطي ويبدع ويربي ويعلم ولدكم وهو مكسور الظهر مشتت الذهن؟، أو كيف تريدون منه أن يبني جيلًا واعيًا وهو يذوق أعتى صنوف الحاجة والإهانة؟!، لماذا سألتم أنفسكم لماذا لا تخرجون يومًا في مظاهرات حاشدة تطالبون برد الجميل أو قيمة مايقوم به، هل شعرت يومًا ما بأنك انتهازيًا لاتفكر إلا في مصلحة تعليم أولادك ولايهم المعلم؟!
اخيرًا وعلى عجالة أقول: أن تدشين العام الدراسي لا يجب أن يكون فقط احتفالًا شكليًا كما أظهره مدراء المكاتب بالمدريات لينالوا رضاء المدير العام أو الوزير أو من هم أعلى منهم، بل يجب أن يكون انطلاقة حقيقية نحو إنصاف المعلم، والالتفاف نحوه، والاستماع اليه بجدية، والاعتراف بحقه الكامل في الحياة الكريمة قبل كل شيء، فبدون معلم قوي لن يكون هناك تعليم حقيقي... ولا مستقبل أفضل ومشرق.