المتسلقون على ظهور الثورات  يقول ( تشي جيفارا) :" الثورة يصنعها الشرفاء ويقودها الشجعان ثم يسرقها الجبناء"

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي 

لا أظن أنَّ يختلف اثنان على صحة

 هذه المقولة رقم قسوتها ، ورقم مرارتها .

وهذا ما يؤكده الواقع ، وهذا ما تشهد به الوقائع  ، وهذا ما تثبته الأيام ، وهذا ما تتحدث به السنون!!!

فعادة ما يتقدم الشجعان الصفوف غير 

هيَّابين ، ولا مبالين بالموت في سبيل

 نفض غبار الذل ،  ورفض العبودية ، والاستكانة ، والخنوع ..

فيفجرون الثورات ،ويجودون بأرواحهم ، ويضحَّون بحياتهم ، ويرخصون دماءهم في سبيل حريتهم ، وحماية أوطانهم ، وصون مقدساتهم ....

فيخوضون المعارك ، ويشعلون الحروب ، وينيرون دروب الحرية ،ويوقدون شُعلة النصر ، ويطردون الأعداء ، ويحررون الأوطان ، ويستردون الكرامة ....

وفي تلك الأثناء يقبع الجبناء ، والضعفاء ، والخوَّارون في أغبية العمالة ، والخيانة ، والنخاسة ريثما ينجلي غبار الحرب، وتزغرد النساء بزغاريد النصر ..

عندها يتقدم أولئك الجبناء ليرفعوا 

أصواتهم  بتكبيرات النصر ، ويتغنون بأناشيد الحرية ، ويتوشحون بأعلام الثورة ، ويتفنون بنسج العبارات البراقة لخطف الأنظار ..

فبينما ينتحي المناضلون جانباً ليأخذوا قسطاً من الراحة ، وينفضوا غبار المعارك ، ويتزينوا للفرح بالنصر ، ويتهيَّؤوا لبدء معركة البناء ، ورسم معالم المستقبل...

بينما هم كذلك ...

يجدون أنفسهم وقد استدار الزمان ، وقد تبدل الحال ، وقد تغير المقال ، وقد تنمَّرت الثعال ، وقد امتطى المنصة كل بطال.

وبفعلة غادر ، وبلمسة ساحر ، وبفكرة ماكر يتغير كل شيء ، ويتحول كل شيء ، وينتهي كل شيء...

فإذا بالجبان  مناضل ، وإذا  بالخوَّار 

قائد ، وإذا بالبطَّال زعيم ، وإذا بالثائر 

خائن ، وإذا بمفجر الثورة منافق ، وإذا 

بالمناضل عميل ، وإذا بالشجاع مداهن .

وهكذا ينسل أولئك المصنوعون على عين الإستعمار خلسة ، لينقضَّوا على منجزات الثورة ، وليهدموا ما بناه الشجعان ، وليحطَّموا ما شيَّده الشهداء ، وَليَجْهِزُوا على حلم الثوار ، 

وليعلنوها حرباً لا هوادة فيها لملاحقة مناضلي الثورة ، ولتصفية الثوار ، ولقتل الشجعان .

وهنا تتحق مقولة ( جيفارا ) 

{يسرق الجبناء ثورة الشجعان }

ورحم الله الشاعر الفيلسوف عبدالله البردوني حينما قال :

الأباة الذين بالأمس ثاروا **

       أيقظوا حولنا الذئاب وناموا .

هذا للأسف هو واقع الحال مع قوى الإستعمار التي احتلت العالم العربي والإسلامي ...

خرجت من الباب لتعود مرة أخرى 

من النافذة ...ولكن بثوب جديد .

ونحن فقط إذا أخذنا جنوبنا الحبيب ،

ووقفنا مع ثورة أكتوبر المجيدة الذي

 يتغنى بها الجميع اليوم .

لوجدنا مقولة ( جيفارا) وقد تم تطبيقها بكل حذافيرها .

فما أن انجلى غُبار المعركة ...حتى تم الإجهاز على كل المناضلين ، والشجعان، والثوار ، والرجال الأوفياء ....

والْصِقَتٔ بهم التهم الباطلة بغرض التخلص منهم وإزاحتهم عن المشهد .

فقتل من قتل ، وسجن من سجن ، وهرب من هرب ...وتسلم الحكم المُعَدُّوْنَ سلفاً على عين 

الإنجليز .

حقيقية مرة ، مؤلمة ، موجعة ، محزنة ...

لكنها هي الواقع الذي يحاول البعض أن يغطيه عن عين الشمس بغربال .

للأسف يحتفي الكل بعيد الثورة ...

ولم يسأل أحد عن أسر الشهداء ، ولا عن أرامل الشهداء ، ولا عن أهالي الشهداء!!!

ولم يجرؤ أحد أن يتحدث عن منجزات 

الثورة ولا عن أهداف الثورة ، ولا عن مبادىء الثورة ..

لأنهم أجهزوا عليها في مهدها .

لا حرية ، لا عدالة ،لا مساواة ، لا مواطنة حقيقية ، لا تنمية ، لا تطور ونماء وازدهار ...لا لا لا ....

إثنان وستون عاماً والشعب يتجرع مرارة الصراع الجهوي ، المناطقي ، الحزبي ، القروي.....

  تحت يافطات لمَّاعة ، وشعارات براقة .

فللشعب المغفل التصفيق ، والتطبيل ، والجوع ، والفقر ، والمهانة والإذلال ...

وللمتسلقين على ظهورهم خيرات البلاد !!!

رحم الله الشهداء الأحرار 

ودام الوطن في خير