اليمن بين مطرقة الميليشيات وسندان الشرعية والمجتمع الدولي
بعد أكثر من عقد من الحرب والصراع والانفلات والفوضى والعبث، وجد الشعب اليمني نفسه عالقاً في دوامة مأساوية لا مخرج منها إلا بإرادة وطنية صادقة تعيد للوطن هيبته وكرامته.
فاليمن يعيش اليوم واحدة من أعقد المآسي والازمات الإنسانية والسياسية في تاريخه الحديث، إذ تداخلت فيه الأجندات وتشابكت المصالح، وغابت فيه البوصلة الوطنية التي تحفظ للوطن كيانه وتعيد للمواطن حقه في الحياة الكريمة والأمن والاستقرار.
فمن جهة تقف الميليشيات الحوثية العنصرية التي لا هم لها سوى تنفيذ المخططات الإيرانية بكل الوسائل والأساليب الإجرامية، مستبيحة دماء اليمنيين وأعراضهم وممتلكاتهم. هذه الميليشيات جعلت من القتل والاختطاف والاعتقال والنهب والسلب سياسة ممنهجة، ومن القمع والهيمنة عقيدة وسلوكاً يومياً، غير آبهة بما تسببه من معاناة لملايين الأبرياء، ولا بما تلحقه من دمار في بنية الدولة والمجتمع.
وفي الجهة الأخرى، تقف شرعية ضعيفة ومنقسمة، تاهت اغلب فصائلها بين الصراع على المناصب ونهب الإيرادات العامة، متناسية واجبها الأول في حماية المواطن وصون كرامته وتأمين حياته. فبدلاً من توحيد الصف واستعادة مؤسسات الدولة، انشغلت هذه الأطراف بالتناحر الداخلي والبحث عن المكاسب الشخصية والحزبية، تاركة الشعب يواجه مصيره وحده في مواجهة آلة القتل والانتهاك والفوضى.
وفي خضم هذه الفوضى، يقف المجتمع الدولي متفرجاً، بل ومستثمراً للأزمة اليمنية بما يخدم مصالحه الخاصة. فكلما طال أمد الحرب، تضاعفت أرباح صفقات السلاح، وازدادت فرص النفوذ السياسي والاقتصادي في المنطقة. وهكذا تحول اليمن إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، فيما يدفع المواطن اليمني الثمن الباهظ من دمه وكرامته ومستقبله.
لقد أصبح اليمن ،اليوم، في حاجة ماسة إلى مشروع وطني جامع، يتجاوز كل الولاءات الضيقة والانقسامات المدمرة، ويعيد الاعتبار للدولة ومؤسساتها، ويضع حداً لحالة العبث السياسي والعسكري والاقتصادي التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار. فبدون صحوة وطنية شاملة، وقيادة مخلصة تمتلك الإرادة والعزم على إنقاذ الوطن، سيظل الشعب اليمني يدور في حلقة مفرغة من الألم والضياع، وستظل المآسي والكوارث المحيطة به وتتفاقم يوماً بعد يوم.


