الاقتصاد .. سلاح العصر للنهوض والمنافسة الدولية
في نظريته الثورية أعتبر مؤسسة الاقتصاد الكلاسيكي آدم سميث، أن ثروة الأم والشعوب لا تتعلق بما تكتنزه من الذهب والفضة في خزائنها، ولكن "المقياس الحقيقي لثروة الأمة هو ما تخلقه من تيار السلع والخدمات". أي ما تنتجه، وبهذا ابتكر أحد رواد الاقتصاد السياسي سميث فكرة أساسية في الاقتصاد تعرف حالياً ب"إجمالي الناتج المحلي".
واذا ما نظرنا إلى طبيعة التنافس بين القوى الكبرى، واخص بالذكر هنأ أمريكا القطب المهيمن على العالم، وروسيا والصين، سنجد أن الصين أكثر صعوداً في منافسة أمريكا، وبدرجة أقل روسيا، وهذا يعود لكون الصين اختارت المنافسة في مجالات الاقتصاد بدرجة رئيسية وخصصت النصيب الأكبر من الانفاق لتنميته، فيما لا تعطي أهمية للإنفاق العسكري، وعلى العكس منها روسيا التي ورغم أنها تركز على المنافسة العسكرية إلى أنها مؤخراً تعطي أهمية للجانب الاقتصادي.
بمعنى أن الاقتصاد أصبح أكثر أهمية كسلاح في التنافس الدولي أكثر من غيره من مجالات التنافس على مستوى القوى الكبرى التي تمسك بزمام القرارا العالمي، حتى أن الحروب العسكرية والصراعات الدائرة هنا وهناك تعود لخلفيات ودوافع اقتصادية. ومستقبلاً سيكون الاقتصاد أكثر أهمية مما هو عليه في الوقت الراهن، سيما مع بروز أهميته العالمية وتوسعه وتحريره من القيود، وتطور وسائل النقل، ودخول التكنولوجيا في العملية الإنتاجية، وكذلك وتصدر قوى اقتصادية المشهد كقوى نفوذ ومصالح توجه وتمتلك القرار السياسي لكثير من الأنظمة الدولية بما فيها دولى عظمى.
ولا يختلف الأمر على المستوى المحلي والإقليمي في بناء وتطور الدول ونهوضها وتقدمها عالمياً ، الذي يتطلب إهتمام أكبر بالجانب الاقتصادي على المستوى المحلي وفتح آفاق التعاون الاقتصادي والاستثمارات التي تحقق المنافع المتبادلة على مستوى الجوار والاقليم والعالم، سيما في ظل تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية.
اود الإشارة إلى أن هذا الإهتمام بالجانب الاقتصادي لا يعني التخلي عن الاهتمام بالمجالات الأخرى ومنها العسكري لحماية الدولة وأمنها القومي ومصالحها، ولكنه أساس اي نهوض للدول وتقدمها بين نظيرتها في المنظومة الدولية، كما أن استدلالي بنظرية سميث وكتابتي عن هذا الاقتصاد الرأسمالي في الأصل (اقتصاد السوق الحر) لا يعني أنه الأفضل ولا توجد فيه عيون، ولكن باعتباره هو السائد عالمياً والمتعامل به في معظم الدول إن لم نقل جميعها، حتى الدول المناهضة الاشتراكية تطبقه في سياسياتها الاقتصادية كما هو حال الصين.