هل دخلت أوكرانيا بنفسها إلى المصيدة؟

تتضارب الآراء المعلنة، من عدة أطراف متداخلة، عن خطوة أوكرانيا غير المسبوقة، باقتحام الحدود الروسية فى 6 أغسطس الماضي، وما إذا كان انفرد بها نظام الحكم فى أوكرانيا، أم بتخطيط مع حلف الناتو والغرب .. وما إذا كان يمكن اعتبارها إنجازاً عسكرياً لأوكرانيا ضد روسيا .. أم أنها أمر وارد يمكن أن تتعرض له أى قوة عظمى فى إحدى نقاط الضعف على حدودها الممتدة لآلاف الكيلومترات، والتى ليس هناك ما يدعوا القوة العظمى إلى فرض الحماية الكاملة على طول حدودها، ليس فقط لما يتطلبه الأمر من ميزانيات ضخمة وتخصيص قوات عسكرية دفاعية، وإنما ليقين القوة العظمى أنه ليس هناك خطر حقيقى، لأن التصورات التى تتيقن منها أى قوة عظمى أنه فى حالة إذا أخطأ عدو فى حساباته وقرر أن يستفزها، بمثل ما فعلت أوكرانيا، فعليه أن يتحمل التبعات، التى أولها أن الأمر محسوم عن قدرة القوة العظمى على استرداد أراضيها، ثم ما هو مؤكد بعدها من أن تقوم بعمليات انتقامية لرد اعتبارها ولردع من تحاصر، لمنعه مستقبلاً، هو أو غيره، من مجرد التفكير فى تكرار ما وقع.

لذلك، فإن تقدير ما فعلته أوكرانيا لا يقاس بمفاجأتها لروسيا وانتهاك حدودها واقتحام أراضيها وفرض السيطرة على مساحة منها متناهية الصغر مقارنة بحجم روسيا، وإنما بقدرة أوكرانيا على البقاء والثبات على هذه الأرض، ونجاحها فى صد الهجوم الروسى المؤكد، ثم فى تخفيف آثار ما سوف تقوم به روسيا بعد هذا. وليس من الممكن تصور أن تنجح أوكرانيا فى الصمود أمام كل هذا، بما يدحض الرأى القائل إنها قامت بخطوتها هذه بهدف تحسين شروط التفاوض على وقف الحرب، بل إنها سوف تتكبد المزيد من الخسائر التى تضعف موقفها التفاوضى.

لقد تراكمت أخطاء قادة أوكرانيا منذ قبولهم أن يقوموا بدور مخلب القط أمام الدب، مع فشل تام فى الحسابات، أو ربما مع إدراك التبعات والاهتمام بأشياء أخرى، ثم إنهم لا يزالون يورطون بلادهم أكثر ويغمضون عيونهم عن الخراب الرهيب الذى تسببوا فيه لها، ولا يطرحون كيف ومتى وبأى وسائل يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه.