الصراعات الدولية وتوازن القوى
أبين الآن /خاص
كتب/فتاح المحرمي
من الملاحظ أن معظم الصراعات الحديثة في العالم، أكانت محلية أو إقليمية أو ترقى إلى الدولية، أصبحت تراعي توازن القوى في النتائج التي توؤل إليها .. بمعنى أنه لم يعد هناك منتصر أو مهزوم بدرجة كبيرة .. فعلى سبيل المثال نجد أن هذا التوازن في صراع أوكرانيا وروسيا رغم تفاوت القوة والمكانة بين البلدين، كذلك التوازن العسكري ظهر في حرب غزة رغم التفاوت الكبير في التسلح والتقنيات.
وهذا الأمر قد يعود إلى تأثير القوى الكبرى وبدرجة رئيسية أمريكا ومن خلفها الغرب على هذه الصراعات والتي تريد الإبقاء على هذا التوازن لكي لا يذهب لصالح خصومها الذين لهم درجة تأثير أقل في الصراعات، وحتى لا يكون على حساب هيمنتها التى ترى في التوازن حفاظاً عليها واستقرار لها من ناحية، ومن ناحيه اخرى لا يستفز خصومها اذا ما حاولت تعميق هذه الهيمنة.
صحيح أن بعض مراحل الصراع يكون فيها تفوق من طرف ما ولكن في المحصلة النهائية للصراع يتم إعادة التوازن .. فعلى سبيل المثال تم دحر الحوثيين في اليمن ووصلت القوات الجنوبية مشارف مدينة الحديدة ولكن تدخل دولي اوقف ذلك واعاد التوازن .. وفي الوقت الراهن يخاطر الحوثيين في جر المنطقة لصراع دولي ويستعرض عضلاته المنفوخة إيرانياً، ولكن مع اقتراب الحل في المنطقة سوف يعود إلى ما كان عليه قبل حرب غزة وربما أضعف وذلك كنوع من إعادة التوازن.
وقبل ذلك منطقياً فإن البعبع الذي اظهرت فيه إيران - ما بعد حرب غزة - لاذرعها في المنطقة وتحديداً الحوثيين في اليمن - والتي لم ولن تكون لصالح العرب ومعادلة الصراع العربي الإسرائيلي - وانما لتحقيق مصالحها التي تلتقي مع خصوصاً الغرب أكثر مما تلتقى مع العرب .. منطقياً سوف يذهب ذلك البعبع لكونه ارتبط بالحرب وسوف يذهب بتوقفها.
بالمناسبة الصراعات الدائرة دولياً بمختلف أبعادها واوجهها هي في الأساس صراعات اقتصادية حتى وإن كان ظاهرها عسكري، وهي تدور بين أمريكا القطب المتحكم بالعالم والذي يسعى لاستمرار الهيمنة وتوسيع النفوذ عالمياً، وبين قوى كبرى تخطو خطوات نحو المنافسة الدولية، غايتها إيجاد نظام دولي ثنائي القطبية، أو متعدد الأقطاب، ولهذا فإن التفوق الاقتصادي هو الذي سيكون له الأثر الأكبر في معادلة النظام الدولي.