ماذا يعني اضرار آفات اللسان المستهان بها ؟

يستهين المرء بلسانه فيراه عضلةً صغيرةً بحجمها وبفعلها، لكنّه في الحقيقة أعظم وأخطر ممّا يتصوّر، فاللسان برغم حجمه الصغير إلّا أنّ له أثر كبير حيثما وضعه صاحبه، فقد يجلب له الخير الكثير فيرفعه ويُعلي شأنه، وقد يعرّضه للخطر العظيم، والشرّ، والإثم، وبشكلٍ أوسعٍ فاللسان قد يكون سائق المرء إلى جنّة، أو إلى نارٍ في الآخرة لعِظم أثره، ولأنّ أفعال هذا العضو تعتبر كبيرةً خطيرةً فقد أمر الله -تعالى- بحفظه ونبّه إلى ضرورة مراعاته بأقواله، وجعل للكلمات التي ينطقها ملائكة تُحصيها، حيث قال الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وقد كانت الوصيّة بحفظ اللسان في جملة وصايا جمعها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأحد المستنصحين، فقال له: (ولا تَكَلَّمْ بكلامٍ تعتذِرُ منه)، فعلى المسلم أن ينتبه إلى ما نبّه إليه الله -تعالى- ورسوله الكريم، ولا يُصيب بلسانه ما يضرّه ويضرّ غيره فيقع في الإثم والخطيئة.

 حيث إنّ من جملة ما نهى النبي -عليه السلام- عنه من أفعال اللسان، هو اللعن والتلاعن، وهو من أعظم آفات اللسان، ومن أشدّ المنكرات في الدين، فاللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى، فإن لعن الإنسان أحداً فكأنّما يدعو عليه أن يخرج من رحمة الله سبحانه، ويُبعده عن رضوانه، ولذلك فقد عُدّ اللعن بحقّ إنسانٍ بعينه من الكبائر التي لا تُغتفر إلّا بالتوبة النصوح، والانتهاء عن هذا المنكر، حيث كان من سوء وقُبح اللعن أنّ العلماء ذكروا عدم جواز لعن كافرٍ بعينه أيضاً، فقد يهتدي هذا الكافر فيدخل الإسلام، فلا يجوز لأحدٍ أن يدعو عليه بالطرد من رحمة الله مهما بدر منه سوء أفعالٍ، وقد حُرّم لعن الإنسان من باب أنّ المرء عِرضه مصونٌ، وحقوقه محفوظةٌ في الإسلام، فلا يجوز لأحدٍ أن يدعو عليه بالبُعد عن الله، وهو قريبٌ منه سبحانه، ولا يجوز لأحدٍ أن يدعو على امرءٍ صالحٍ بالهلاك، وخاصّةً إن كان المرة مصدر خيرٍ للنّاس من حوله، فلعنه إثمٌ وخطيئةٌ يحاسب عليها الله تعالى، وقدوة المؤمنين في ذلك نبي الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي كان يدعو على أربعة أشخاصٍ ويلعنهم، فأنزل الله تعالى عليه: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)، وفي مسند أحمد روى أنّهم أسلموا جميعاً.