محاسن نظام ما قبل الوحدة
كتب: أبو زين ناصر الوليدي
للحقيقة والتاريخ والإنصاف أن نظام الجنوب قبل الوحدة كانت فيه محاسن كثيرة تلاشت وتبخرت بمجرد إعلان الوحدة وأهمها وجود دولة وحزم وصرامة ونظام وقانون يمشي على الصغير والكبير مع استتباب للأمن ومحاربة الطبقية والثأر وغيرها الكثير والذي كان من المفترض أن نظام الوحدة يستفيد منها ويحافظ عليها ولكن للأسف دخلت الناس في متاهات جعلتها تترحم على زمن الرفاق.
ومن محاسن ذلك النظام الاهتمام الكبير بالتعليم من الابتدائية إلى أعلى المستويات حيث يحصل الطالب على تعليم مجاني بما في ذلك الدراسات الجامعية في الداخل والخارج وكانت هناك قوة انضباط وحسن إدارة رغم ضعف الامكانيات.
ومن ذلك أن الدولة اهتمت بتعليم أبناء البدو الرحل ساكني الخيام الذين يتنقلون من مكان إلى آخر طلبا للمرعى، فأنشأت في كل مديرية مدرسة تسمى( مدرسة البدو الرحل) فكانت توفر للطالب في هذه المدارس السكن والتغذية والأدوات المدرسية من دفاتر وحقائب وملابس وغيرها، وكان الزي الرسمي لهذه المدارس يختلف عن الزي الرسمي لمدارس التربية والتعليم الأخرى إذ أنهم يلبسون لباسا يشبه لباس الجيش ويحصلون على تدريبات عسكرية للحركة النظامية وبعض الدراسات العسكرية البسيطة.
وإذا انتقل الطالب إلى المدرسة الثانوية العامة فهو أسوة بطلاب المدارس تماما إلا أن الدولة أوجدت في كل ثانوية قسما داخليا يوفر السكن والغذاء، وبعد أن يتخرج هؤلاء الطلاب من الثانوية يلتحقون بالجامعة وربما يحصل أكثرهم على منح خارجية في روسيا وألمانيا والمجر ورومانيا وبلغاريا وكوبا وتشكسلوفاكيا وغيرها من دول المعسكر الشرقي.
وقد رأينا الكثير من أبناء هؤلاء البدو الرحل وهم يحملون أعلى الشهادات في الطب والهندسة والزراعة والإدارة والأمن والتي حصلوا عليها من دول خارجية، ثم تولوا المناصب السياسية والإدارية والعسكرية وحسنوا مستوى معيشة أهلهم وذويهم.
ومنهم من عاد إلى البلاد ومعه زوجته الروسية أو الرومانية أو المجرية، ولقد رأيت وأنا صغير أحد المهندسين من هؤلاء البدو وقد جاء لزيارة أهله في مخيماتهم في الجبال ومعه زوجته الرومانية وكان يحاول إقناعهم أن ينتقلوا إلى المدينة ويتركوا حياة الترحال فكانوا يسخرون من اقتراحه.
.