ما الذي تسبب في انهيار الجيش السوري بهذه السرعة؟
أبين الآن / متابعات
مقاتلون يحتفلون داخل المسجد الأموي التاريخي بعد سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024
مقاتلون يحتفلون داخل المسجد الأموي التاريخي بعد سيطرة المعارضة المسلحة على العاصمة السورية دمشق
لم يكن كثيرون يتوقعون التطورات السريعة والمتلاحقة التي شهدتها سوريا على مدى الأيام الأخيرة، منذ أن أعلنت المعارضة المسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام" المتمركزة في محافظة إدلب شمال غربي البلاد بدء تحركها الميداني ضد القوات الحكومية.
وجاءت أنباء سقوط حكم بشار الأسد، الذي كان يتوعد قبل نحو أسبوع "بسحق الإرهابيين"، مباغتة لغالبية المتابعين للشأن السوري.
وقد أثارت تلك الأحداث دهشة وتساؤلات عديدة، ولا سيما عن أسباب انهيار قوات الجيش السوري بهذه السرعة المذهلة، وانسحابها من معركة تلو الأخرى. فما العوامل التي أسهمت في ذلك؟
مكانة متقدمة.. ولكن
تأتي سوريا في المرتبة السادسة عربيا والستين دوليا من حيث القوة العسكرية، وذلك وفق مؤشر Global Firepower (غلوبال فاير باور) لعام 2024، والذي شمل 145 دولة. ويأخذ هذا التصنيف بعين الاعتبار عددا من العوامل، من بينها عدد أفراد القوات المسلحة والمعدات والمصادر البشرية والعوامل اللوجستية.
ويضم الجيش السوري عددا كبيرا من الجنود المدعومين بقوات شبه عسكرية وميليشيات، كما أنه يعتمد على مزيج من المعدات المتهالكة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية ومعدات أحدث حصل عليها من حلفاء مثل روسيا. ويمتلك الجيش، وفق غلوبال فاير باور، أكثر من 1500 دبابة و3000 عربة مدرعة، كما أن لديه نظما مدفعية وصاروخية.
أين بشار الأسد؟
كيف تغيّرت خارطة السيطرة على سوريا بعد 13 عاماً من الصراع؟
وفيما يتعلق بالقوة الجوية، لدى الجيش السوري مزيج من المقاتلات والمروحيات وطائرات التدريب، ويمتلك أسطولا بحريا متواضعا، فضلا عن العديد من المطارات والموانئ الحيوية مثل اللاذقية وطرطوس.
قد يبدو وضع الجيش السوري جيدا من الناحية النظرية، لكن هناك كثيرا من المعطيات التي أدت إلى إضعافه.
فقدْ خسر نسبة كبيرة من قوته البشرية التي كانت تقدر بنحو 300 ألف جندي في سنوات الحرب الأولى تبلغ النصف وفق بعض التقديرات، سواء بسبب القتال أو بسبب فرار بعض الجنود أو انضمامهم لجماعات معارضة. كما تكبدت القوات الجوية خسائر فادحة جراء الحرب الأهلية والضربات الجوية الأمريكية.
راتب الجندي "لا يكفي لثلاثة أيام"
رغم امتلاك سوريا لاحتياطات لا بأس بها من النفط والغاز، فإن قدرتها على استغلال تلك الاحتياطات تراجعت بشكل كبير بسبب الحرب. كما شهدت الأوضاع الاقتصادية المزيد من التدهور، وخصوصا المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الأسد، بسبب ما يعرف بـ"قانون قيصر" الأمريكي الذي صدر في ديسمبر عام 2019، ودخل حيز التنفيذ في يونيو عام 2020. هذا القانون نص على فرض عقوبات اقتصادية على أي هيئات حكومية أو أفراد يتعاملون مع الحكومة السورية.
وقد أشارت تقارير عديدة إلى تدني رواتب جنود الجيش التابعين لحكومة الأسد، وذكرت أنها تبلغ ما يعادل حوالي 15 إلى 17 دولارا في الشهر، وهو مبلغ صغير للغاية "لا يكفي حتى لثلاثة أيام"، بحسب تعبير مواطن سوري.
يقول فواز جرجس أستاذ العلاقات الخارجية بجامعة لندن إن الأوضاع تبدلت في سوريا بشكل كبير خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وإنه من بين أسباب ذلك "العقوبات الأمريكية التي أدت إلى إفقار الشعب السوري وإفقار ضباط الجيش. هناك بعض التقارير التي تشير إلى أن الجنود لا يحصلون على ما يكفيهم من طعام، وهذا يعني أنهم في حالة نفسية صعبة وصاروا أقرب إلى المجاعة".
يشار إلى أن الأسد كان قد أصدر الأربعاء الماضي مرسوما يقضي بزيادة رواتب الجند بنسبة 50 في المئة، وفق وكالة الأنباء الحكومية السورية، في خطوة كانت تهدف على ما يبدو إلى رفع معنويات الجنود وسط تقدم قوات المعارضة. لكن يبدو أن هذه الخطوة جاءت متأخرة كثيرا