إلى وزير الداخلية بلا تحية ..

بقلم / د. سعيد سالم الحرباجي 

يُروى أنَّ رجلاً مسكيناً  ، بسيطاً لا يؤبه له ،،،
يسكن في عشة متهالكة ، وإمكاناته ، وقدراته محدودة ...
لكنه يمتاز بحب الفضول ، ويتطلع أن يكون كغيره من ذوي الشأن .
 فكان غالباً ما  يجلس في مجالس الكبار ، يسمع أحاديثهم ، وينصت لإنجازاتهم ، ويتابع أخبارهم ...
فإذا ما عاد إلى مأواه  ، ونظر إلى حاله ، وتأمل عُشته المتهالكة ...يصاب بالهستريا لأنه متيقن بصعوبة الوصول إلى مقامات عِلْيَةِ القوم.

ففي ليلة من الليالي فكر ، ثم قدر ، ثم نظر ...
فأصر على  أن يحقق إنجازاً يسمع به أهل قريته كلهم أجمعون ..
فقرر أن يأخذ  عوداً من الكبريت ليحرق به عُشته التي تأويه ...
تصاعدت ألسنة اللهب في الفضاء ، وغطى دخان كثيف أرجاء القرية !!!

أسرع الناس إليه وأخذوا يطفؤون النار ، ثم سألوه عن سبب إحراق عشته ؟؟!!
فقال :{ لم يذكرني أحد ...
فما كان من خيار أمامي إلا أن أُحرِقَ عُشتي  حتى يصبح أسمي مركتز حوار الناس } !!!

تلك القصة الظريفة  ذكرتني  بأوامر معالي وزير الداخلية والتي قضت بإيقاف رواتب موظفي الداخلية حتى يستخرجوا بطائق جديدة . 
فأصبح هذا الإنجاز لمعاليه حديث السمَّار ، وفاكهة المجالس ، وسبقاً على بقية الوزراء ، وحقق أعلى رقم يُتَدَاولُ على منصات  التواصل الاجتماعي.

يبدو أنَّ معاليه عاجز عن تحقيق أي إنجاز يُذكر منذ توليه حقيبة الداخلية ...فما كان منه إلا أن اهتدى إلى هذه الفعلة التي اشتهر بها ، وأصبح ذكره على كل لسان .

كم أنت مسكين أيها الوزير العاجز ..
وكأنك قد استكملت كل ملفات وزارة الداخلية المهمة ، وقضيت على كل أسباب الجريمة ، وأخضعت كل المجرمين للمحاكمة ، وأرسيت قواعد الأمن ، وعالجت  قضايا منتسبي وزاراتك .....ولم يتبق لك إلا { البطاقة الذكية } .

الحقيقة أنني في حَيْرَةِِ من أمري ، ولا أكاد أصدق ما أرى وأسمع عن حال من نسميهم اليوم ( قيادات البلد ) .

الظاهر أنَّ معاليه لا يدري أنَّ موظفي الدولة بدون معاش لشهرين ...
ومن أين له أن يدري هو ( وبقية الثمانية) وكروشهم قد أصيبت بالتخمة ؟

فالسؤال الذي نطرحه على معاليه ..
هل هناك ضرورة وطنية ملحة تفرض عليك التمترس خلف هذا القرار ، وتصر إصراراً عجيباً على تنفيذه ؟ أم أنَّ وراء الأكمة ما وراءها ؟

هل هناك خطر يهدد الأمن القومي - لا سمح الله - إذا تركت فرصة لحرية المواطن أن يستمر بالتعامل بالبطاقة القديمة أو الجواز ؟ 

{ معالي الوزير...
الناس تموت جوعاً {وأنتم ، أنتم } تعالجون كروشكم في أرقى مستشفيات العالم نتيجة التخمة }

وإذا افترضنا {جدلاً جدلاً } أنَّ الأوامر قد صدرت من ( الجماعة ) وأنَّك في ورطة إذا لم تنفذ تلك الأوامر ...
فحاول أن تتخذ إجراءات تصب في مصلحة المواطن تتمثل في الآتي :
أولأ : إعفاء منتسبي الداخلية من الرسوم شأنهم شأن  الموظفين في بقية الوزارات والمصالح الحكومية ، والشركات الذين يحصلون على امتيازات من الجهات التي ينتسبون إليها .
وهذا أعتقد أنَّه من حقهم .
ثانياً : تخفيض رسوم استخراج البطاقة لبقية المواطنين.
ثالثاً : تسهيل الإجراءات حتى تقطع الطريق على السماسرة .
رابعأ : سرعة عملية الحصول على البطاقة.

وداااام الوطن في خير ،،،
وأرجو أن تعمل برقية تهنئة لصاحب العُشة،،