عرش بلقيس وعلم الكتاب

علم الكتاب هو علم لدني لم تصل إليه علوم البشرية بكل تطوراتها التكنولوجية بعد ويبدو أنها لن تصل إليه أبداً. وإذا نظرنا بعين البصيرة إلى آيتين في سورة النمل فقط، فإننا نجد علم الكتاب مذهلاً جداً وخارقاً للقوانين الفيزيائية. على الرغم من عهد نبي الله سليمان الذي سبقنا بقرون طويلة، إلا أنهم كانوا على قدر عالٍ من العلوم حتى أنه قيل إن مملكة سليمان انتقلت إلى أعالي البحار والمؤشر أنهم لا يوجد لهم آثار على اليابسة. فكيف كانوا يعيشون في البحار والمحيطات؟

فلننظر إلى مدلولات الآيتين التاليتين لنرى شيئاً يسيراً من معاني عمق العلوم عندهم واستحالة وصول العلم الحديث إلى مستواها. 

في حديث القرآن عن نقل عرش بلقيس من اليمن إلى الشام، قال تعالى:

"قَالَ عِفْرِ‌يتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ، قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْ‌تَدَّ إِلَيْكَ طَرْ‌فُكَ ۚ فَلَمَّا رَ‌آهُ مُسْتَقِرًّ‌ا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَ‌بِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ‌ أَمْ أَكْفُرُ‌ ۖ وَمَن شَكَرَ‌ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ‌ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ‌ فَإِنَّ رَ‌بِّي غَنِيٌّ كَرِ‌يمٌ" (النمل: 39-40).

في الآية الأولى، قال العفريت إنه قادر على نقل القصر من اليمن إلى الشام في زمن قصير "قبل أن تقوم من مقامك" . 

ولأن نقل شيء ضخم من مكان إلى مكان بعيد يؤثر عليه الهواء وقد تتحطم بعض جزئياته بحكم كتلة الهواء المنصدمة بالجسم الطائر بسرعة كبيرة. ومن أجل ذلك قال العفريت: "وإني عليه لقوي أمين" قوي على حمله وسرعة إيصاله من اليمن إلى الشام وأمين على سلامته من أي تخريب.

لكن في الآية الثانية، "قال الذي عنده علم من الكتاب: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" .

 "في غمضة عين"

سرعة مذهلة تتجاوز سرعة الضوء بكثير. وذلك معناه أنه يحول القصر بما فيه إلى طاقة كهربائية وفي ثوانٍ فيوصلها إلى الشام ويعيد تركيبها إلى جسم مادي كما كان تماماً.

وهنا ايضاً إشارة هامة في قوله تعالى:

"أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ۖ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْل...َ" (الروم: 9).

وفي هذه الآية إشارة إلى أن هناك أقواماً سبقونا بالخلق والعلم فوصلوا إلى درجات عالية من الارتقاء العلمي لم نصلها بعد. وذلك يدل على علم خارق لم يصل إليه الناس إلى اليوم.