تأملات في خمس آيات مخيفات في القرآن الكريم
كتب / منصور بلعيدي_
آيات خمس في كتاب الله من قرأهن وتدبر معانيهن يصاب بالخوف المرعب لما فيهن من الوعيد الشديد الذي يزلزل القلوب. قد يقول قائل: "الدين يسر وأنت تخوف الناس منه!" وأقول له: إن الله يقول: *"ولمن خاف مقام ربه جنتان"* (الرحمن: 46)،
فالخوف من الله عبادة. ويقول أيضاً: *"إنما يخشى الله من عباده العلماء"* (فاطر: 28).
والمعروف أنه كلما ازداد الإنسان علماً، ارتفع منسوب خوفه من الله تعالى، ذلك لأن العلم يوضح للإنسان أنه يقف أمام جلال الله وعظمته فيخشاه ويتذلل بالخشوع طاعة لمولاه فيمنحه راحة في دنياه.
والآيات الخمس اللائي يجسدن معنى الخوف من الله هي:
*الأولى:*
*"فلما نسوا ما ذُكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً"* (الأنعام: 44).
لما ابتعدوا عن الله فتح لهم أبواب كل شيء في الدنيا وفجأة أخذهم على حين غرة. عدم الخشوع في الصلاة بسبب قلة العلم بعظمة الذي تقف بين يديه. وهناك من يقول: "نحن ملتزمون بالعبادات والطاعات ولكننا نواجه صعوبة العيش ونرى العاصين يتنعمون!" ونقول له: احذر هذا القول حتى لا تكون ممن قصدهم الله في الآية.
*الثانية:*
*"مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ. أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"* (هود: 15-16). حتى الخير الذي قدموه في الدنيا يحبطه الله.
*الثالثة:*
*"مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا"* (الإسراء: 18). هؤلاء هم الذين يخسرون الدنيا والآخرة.
*الرابعة:*
*"مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ"* (الشورى: 20).
فإذا حافظت على الصلوات وسائر العبادات والتزمت الأخلاق الإسلامية زادك الله من التوفيق والأجر. وإن أعرضت عنها وركنت إلى الحياة الدنيا أعطاك الله ما يريد هو لا ما تريد أنت ثم حرمك من الآخرة.
*الخامسة:*
*"إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ. أُولَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"* (يونس: 7-8). هؤلاء يتمتعون بالدنيا من سفريات وملهيات ومنتجعات ونسوا الموت حتى يأتيهم بغتة وهم لا يشعرون.
هذه الآيات الخمس تتمحور حول *الإرادة*. من أراد أن يحقق حياة آمنة في الدنيا والآخرة فليسعى لها سعيها وهو مؤمن، فيحقق له الله ما يريد في الدنيا والآخرة. وجماع ذلك الخوف من الله تعالى.