السلطة الهزيلة!!

شهدت بغداد في صبيحة الثالث عشر من رمضان عام 255 هـ أحداثاً دامية، بعد أن استقدم الخليفة العباسي المهتدي بالله قوة من الصعاليك من بلاد خرسان، وذلك بعد سخط عارم من قبل أهالي بغداد بسبب سياسة التجويع والإذلال التي يقودها أشخاص لهم الثقل الكبير في الدولة العباسية، من أمثال سليمان بن عبدالله بن طاهر ومحمد بن أوس البلخي.

على الرغم من أن المهتدي بالله، الذي تولى الخلافة في ذلك العام، كان حسن السيرة ومحمود الخصال والصفات، وأيضاً كان راغباً في سياسة الإصلاح، كما ورد إلينا من كتب التاريخ...، إلا أنه في المرحلة التي حكم فيها كانت شديدة السوء، مما جعل عملية التطور والازدهار صعبة جداً.

حاول المهتدي بالله تغيير الوضع وإرساء الأمن والأمان والاستقرار في عموم الدولة وخاصة في مدينة بغداد، لكن في ظل هيمنة العصابة وضعف القرار السيادي فشلت الحلول وعمت الفوضى وانتشرت المجاعة في جميع أرجاء بغداد، بل في الدولة برمتها.

ارتفع سعر صرف الدينار وزادت الأوضاع سوءاً، والفقر عم الجميع. أما بالنسبة لخزائن بيت المال، فقد تقاسمها سليمان بن طاهر وأخيه عبيد الله ومحمد بن أوس البلخي، وتم إفراغها من المال.

بعد مرور اثني عشر قرناً على تلك الأحداث وما وقع بأهل بغداد والدولة ككل، شاهدنا مدى تطابق القصة مع وضعنا الحالي وتشابه حال المهتدي بالله وعجزه وحال أصحاب النوايا الحسنة من المسؤولين في بلادنا ومدى اهتمامهم بتحسين الأوضاع...، لكن لا يجدي ذلك في ظل هيمنة صعاليك السلطة!!

إفلاس البنك في تلك الحقبة ووضع البنك في زماننا يجبرنا على أن نضع العديد من علامات التعجب والاستفهام... فما أشبه الليلة بالبارحة!!

تم نفي ابن أوس البلخي وصعاليكه من بغداد... فهل نتخلص من صعاليك السلطة وثعابينها؟!