على قدر الهدف تكون سرعة الانطلاق
في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا في سباق دائم مع الزمن، حيث نبذل الجهد لتحقيق أهدافنا المختلفة. وغالباً ما تكون سرعتنا أقوى في السعي وراء الرزق، لكن السؤال الأهم هو: هل نستطيع تطبيق نفس المبدأ عندما يتعلق الأمر بطلب الجنة؟
القرآن الكريم يوجّهنا في آياته إلى أهمية ترتيب الأولويات في حياتنا، حيث يحدد لكل هدف وتوجه سرعته المناسبة. على سبيل المثال:
-في طلب الرزق قال الله تعالى: "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ" (الملك: 15). هنا الدعوة إلى المشي بتأنٍ وسكينة.
-أما في السعي للصلاة، قال تعالى: "فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" (الجمعة: 9). وهذا تعبير عن السعي الجاد، وهو أسرع من المشي.
-وفي طلب الجنة، قال الله تعالى: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ" (آل عمران: 133)، حيث أمرنا بالمسارعة، لما للجنة من مكانة عظيمة.
-أما عند التوجه إلى الله، فجاء التعبير أكثر سرعة وتأثيراً، حيث قال تعالى: "فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ" (الذاريات: 50). وكلمة "فروا" تشير إلى الهروب السريع نحو الله، تماماً كفرارك من شيء تخشاه، مثل الأسد، وهي تعني الفرار من المعاصي ومغريات الدنيا إلى رحاب الله ورحمته.
هذه الآيات تبين بوضوح درجات السرعة التي أرادها الله لنا في السعي لتحقيق الأهداف:
-الرزق مضمون من الله، ويكفي أن نسير إليه بخطى ثابتة.
-الصلاة تحتاج إلى السعي، لأنها ركيزة الدين وأساس العلاقة مع الله.
-الجنة تتطلب منا المسارعة والاجتهاد، لاستغلال كل لحظة في كسب الحسنات وتحقيق التقوى.
-وأما التوجه إلى الله، فإنه يستوجب الفرار السريع، تجنباً لمغريات الحياة الدنيا والوقوع في المعاصي.
الخلاصة:
السرعة في طلب الجنة لا تعني العمل العشوائي، بل الاستعداد الدائم لتلقي الأوامر الإلهية، وأن نكون على استعداد لتقديم التضحيات المطلوبة لنيل رضا الله وتحقيق التقوى، التي هي الطريق المؤدي إلى الجنة. حياتنا تُقاس بقربنا من الله، فاجعلوا وجهتكم دائماً إليه، فهو الأمان والنجاة.
كل هدف له مقامه، وكل مقام له سرعته. فلتكن خطواتنا في الحياة موزونة بقدر الأهداف التي نسعى لتحقيقها، ولنجعل وجهتنا دائماً نحو الله.