أبو إسحاق الحويني شيخ وداعية مصري تسمى بقريته وبالشاطبي.

(أبين الآن) الجزيرة نت
أبو إسحاق الحويني شيخ وداعية مصري، ولد عام 1956 في مصر وتوفي عام 2025 في قطر. كان أحد العلماء المتخصصين في علم الحديث وله مؤلفات كثيرة في هذا المجال.
درس اللغة الإسبانية بجامعة عين شمس في القاهرة ولتفوقه في دفعته أرسل في بعثة طلابية إلى إسبانيا، لكنه لم يستمر وعاد إلى بلده وتفرغ لطلب العلم الشرعي، ورحل من أجل ذلك إلى كل من الأردن والسعودية.
المولد والنشأة
ولد حجازي محمد يوسف شريف، الذي اشتهر بكنيته "أبو إسحاق الحويني"، يوم 10 يونيو/حزيران 1956م،بقرية حوين بمركز الرياض من أعمال محافظة كفر الشيخ بمصر، وكان الابن الثالث بين 5 ذكور.
ينتمي إلى عائلة ريفية من الطبقة المتوسطة تشتغل بالزراعة، واشتهر بلقب "الحويني" نسبة إلى قرية حُوَيْن -التي ولد فيها- بمحافظة كفر الشيخ في مصر.
كان والده من أعيان قريته، وسماه حجازي تيمنا بموسم الحج إلى بيت الله الحرام، كما كانت له والدته سندا في طلب العلم.
ويروى عنه أنه تَكنَّى في بدايات طلبه للعلم بـ"أبي الفضل" لحبه للعالم المحدث الحافظ ابن حجر العسقلاني، ثم غير كنيته إلى "أبي إسحاق"، بعدما قرأ عن العالم المقاصدي أبي إسحاق الشاطبي وقرأ له، وقيل تيمنا بكنية الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، ويلقب الحويني نسبة لقرية حوين بكفر الشيخ.
أبو إسحاق الحويني تفرغ للعلم الشرعي بعد تخرجه من الجامعة في تخصص اللغة الإسبانية .
الدراسة والتكوين العلمي
درس المرحلة الابتدائية بمدرسة الوزارية الابتدائية في قرية الوزارية المجاورة لقريته، ثم المرحلة الإعدادية في المدرسة الإعدادية القديمة "الشهيد حمدي إبراهيم" في كفر الشيخ، وبدأ كتابة الشعر، ثم درس المرحلة الثانوية في مدرسة الشهيد عبد المنعم رياض بالمدينة نفسها، في القسم العلمي.
وبعدها التحق في الفترة الجامعية بكلية الألسن في جامعة عين شمس بالقاهرة، وتخصص في اللغة الإسبانية وتخرّج فيها بتقدير عام امتياز، وبعد التخرج في الجامعة كان يريد أن يصبح عضوا في مجمع اللغة الإسباني فأرسل بمنحة من كليته في بعثة طلابية إلى إسبانيا، لكنه لم يواصل دراسته هناك وعاد إلى مصر.
أبدى اهتماما وشغفا كبيرا بالعلم الشرعي، فاختار توجها آخر وتفرغ بعد التخرج في الجامعة لدراسة علوم اللغة العربية، وعلوم الحديث والتفسير والفقه.
تنقل بين مجالس الشيوخ، وتتلمذ على عدد منهم، إذ درس على الشيخ محمد نجيب المطيعي، أصول الفقه، وتعلم أساليب الدعوة وفنون الخطابة على الشيخ عبد الحميد كشك.
بعدها قادته رحلة طلب العلم إلى الأردن، حيث درس علوم الحديث على الشيخ ناصر الدين الألباني، وأصبح من أبرز تلامذته.
وفي المملكة العربية السعودية تلقى العقيدة والفقه عن الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين.
تولى الخطابة في كثير من المساجد بمصر، كما اشتهر بمجالسه العلمية التي شرح فيها كتب الحديث والتفسير والفقه والعقيدة والتوحيد.
ويحكي بعض أقاربه أنه كان يعمل في متجر للبقالة أثناء دراسته، وكان مهتما كثيرا بقراءة كتب الشيخ الألباني.
التوجه الفكري والأيديولوجي
يُنسب الحويني إلى تيار من السلفيين يُعرف بـ"السلفية العلمية"، وهي مدرسة تركز على تدريس ونشر علوم الحديث والتفسير والفقه.
ويسعى هذا التيار إلى البعد عن العمل السياسي المباشر، ويختلف بذلك عما يعرف بـ"السلفية السياسية" و"السلفية الجهادية".
من كشك إلى الألباني
لم يكن لعلوم الشريعة حضور في حياة الشاب الحويني في مراحل دراسته الأساسية في قريته ومدينته قبل الجامعة، ولم يكن هو أو من حوله مهتمين بها، لكن صدفة عابرة كانت كفيلة بتغيير مسار حياته بالكامل.
في أواخر عامه الأخير من المرحلة الثانوية، سافر الحويني إلى القاهرة للمذاكرة عند أخيه، وهناك بدأ يحضر خطب الجمعة للشيخ عبد الحميد كشك في مسجد "عين الحياة".
وفي أحد الأيام، عقب عودته من الصلاة، وقع بصره على كتاب يباع على الرصيف بعنوان "صفة صلاة النبي ﷺ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها" للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ورغم اهتمامه بمحتوى الكتاب، إلا أنه تردد في شرائه بسبب سعره المرتفع، لكنه عثر لاحقا على نسخة مختصرة منه، فاقتناه.
ما إن انتهى من قراءة الكتاب حتى اكتشف أن كثيرا من الممارسات الشائعة بين المسلمين في الصلاة، بما في ذلك ما كان يفعله شخصيا، تخالف السنة الصحيحة، وهذا الإدراك دفعه إلى شراء النسخة الكاملة من الكتاب، وهي النقطة التي حولت مسار حياته.
لم تكن المعلومات التي قرأها هي ما أحدثت التأثير الأكبر، بل كانت مقدمة الشيخ الألباني التي تناول فيها أهمية اتباع السنة ونبذ البدع، مدعمة بأقوال الأئمة الأربعة الذين أكدوا ضرورة الالتزام بالسنة وترك كل ما يخالفها، وحينها شعر الحويني وكأنه قد وُضع على "الطريق الصحيح"، كما وصف لاحقا.
لم يكن أثر الكتاب مقتصرا على تصحيح مفاهيمه، بل فتح أمامه بابا جديدا من العلم، إذ لفتت انتباهه الحواشي وتخريج الأحاديث رغم عدم إلمامه بالمصطلحات التخصصية.
ويقول الحويني إنه في تلك الفترة كان يظن أن الإمام البخاري صحابي لكثرة ورود عبارات الترضي عنه، لكنه أدرك مع الوقت ضخامة هذا العلم، فقرر التعمق فيه ودراسته بشكل منهجي.
ومع دخوله الجامعة، بدأ يبحث عن كتب علم الحديث، فكان أول ما وقع بين يديه كتاب "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للإمام الشوكاني، وصُدم الحويني عندما اكتشف أن كثيرا من الأحاديث المتداولة بين الناس لا تصح عن النبي ﷺ. وأحدث هذا الاكتشاف هزة فكرية لديه، أثرت حتى على استماعه لخطب الشيخ كشك، إذ أصبح يشكك في كل حديث يسمعه.
وجاءت اللحظة الفارقة عندما استمع إلى خطبة للشيخ كشك ذكر فيها حديثا، فبحث عنه الحويني ووجد أن ابن القيم ضعّفه، فبادر الحويني إلى إبلاغ الشيخ بذلك لكنه رد عليه قائلا "ابن القيم أخطأ"، وأضاف "يا بنيّ! تعلم قبل أن تُعلِّم".
يقول الحويني عن هذا الموقف "مشيت من أمامه مُستخزيا، كأنما ديك نقرني! وخرجت من عنده ولدي من الرغبة في دراسة علم الحديث ما يعجز القلم عن وصفه".
أبو إسحاق الحويني درس على عدة مشايخ أبرزهم الألباني وابن باز والعثيمين (مواقع التواصل الاجتماعي)
منذ تلك اللحظة، بدأ الحويني يبحث عن مشايخ الحديث، حتى دُل على الشيخ محمد نجيب المطيعي، وأصبح يسأل عن مزيد من كتب الحديث، وأثناء بحثه، وقع على الجزء الأول من كتاب "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة" للشيخ الألباني.
ولاحظ الحويني أن الألباني يستخدم مصطلحات مختلفة في الحكم على الأحاديث، مثل "ضعيف" و"منكر" و"باطل"، فشعر بحاجة لفهم الفروق بينها، وسأل الشيخ المطيعي عن ذلك، فدله على كتابه "تحت راية السنة: تبسيط علوم الحديث"، الذي فتح له بابا جديدا في معرفة أصول علم الحديث وأمهات الكتب فيه.
يقول الحويني "مكثت مع كتاب الشيخ الألباني نحو سنتين، كانت من أفيد السنين في التحصيل"، وفي هذه الفترة، تعمق في علم الحديث وتوسعت قراءاته، مما مهد له الطريق ليصبح لاحقا أحد أبرز المحدثين في العالم الإسلامي.
وتلقى الشيخ وتتلمذ علومه الإسلامية على يد شيوخ الجامع الأزهر أبرزهم رئيس قسم الحديث في كلية أصول الدين الدكتور موسى شاهين لاشين، كما التقى وتتلمذ على يد نخبة من العلماء منهم، والشيخ عبد الله بن قاعود والشيخ عبد الله بن جبرين الذي وصف الحويني قائلا عنه "مُحَدِّث مصر".
ودرس الحويني علوم اللغة العربية على يد الأستاذ عبد الفتاح الجزار، وأصول الفقه على يد محمد نجيب المطيعي، وكان من أبرز من تأثر بهم وبكتبهم المحدث محمد ناصر الدين الألباني الذي التقاه أكثر من مرة، الأولى في سنة 1407هـ، والثانية في سنة 1410هـ، وراجع فيها معه مسائل في علوم الحديث.
مؤلفاته
كتب الشيخ أبو إسحاق الحويني مؤلفات من أبرزها:
إعلان
تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد.
غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود.
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة.
كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء.
صحيح القصص النبوي.
بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن.
إقامة الدلائل على عموم المسائل (مجموعة فتاوى).
الفتاوى الحديثية (إسعاف اللبيث بفتاوى الحديث).
تخريج تفسير ابن كثير.
الثمر الداني في الذب عن الألباني.
مسيس الحاجة إلى تخريج سنن ابن ماجة.
الأربعون في ردع المجرم عن سب المسلم، للحافظ ابن حجر.
كتاب في الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
الوفاة
بعد صراع طويل مع المرض، توفي أبو إسحاق الحويني في العاصمة القطرية الدوحة مساء الاثنين 17 مارس/آذار 2025 م عن عمر ناهز 68 عاما.
وكان الشيخ الحويني تعرض لوعكة صحية نقل على إثرها إلى أحد مستشفيات دولة قطر، التي انتقل للعيش فيها في السنوات الأخيرة من حياته.
وكشف نجله هيثم الحويني أن والده أوصى بدفنه بجوار رفيق دربه الشيخ شكري عبد الله.
المصدر : مواقع إلكترونية