الفريق محمود الصبيحي.. قامة وطنية لا تهزّها العواصف ولا يطالها الأقزام
في زحمة الأقنعة، وفي وسط هذا الضجيج الملوث، وفي زمنٍ تكاثرت فيه الذئاب، وسادت فيه الفوضى، وأصبحت الأقلام المأجورة سلاحاً بيد صغار العقول، يظلّ الرجال العظام كالأشجار الراسخة، لا تزعزعها العواصف، ولا تؤثر فيها العواهن. في هذا الزمن الذي يُباع فيه الشرف بثمنٍ بخس، وتُشوَّه فيه الرموز الوطنية لحساب أجندات رخيصة، يطل علينا اسمٌ لا يمكن أن يطمسه حقد الحاقدين، ولا أن تنال منه دسائس الخائنين..إنه الفريق الركن محمود أحمد سالم الصبيحي، القائد الذي لم يعرف التخاذل، والرجل الذي لم يبدّل مواقفه وفق المصالح والضغوط.
حينما يشتد الخطب، وتشتعل الفتن، وتتداخل الأصوات بين الحق والباطل، يظهر الرجال الذين خبروا الحياة، وعركوا السياسة، وخاضوا معارك الشرف، لا ليبيعوا أوطانهم، بل ليحموها بدمائهم وأرواحهم ،هؤلاء الرجال لا يحتاجون إلى شهادات من الأقزام، ولا إلى تبريرات أمام الأقلام المأجورة التي تكتب ما يُملى عليها، فالتاريخ وحده هو القاضي العادل، والتاريخ وحده هو الذي لا ينسى من وقفوا كالجبال في وجه العواصف، ومن انحنوا كالغصون أمام أول ريحٍ عابرة.
الفريق محمود الصبيحي هو رجل صنع مجده بعرقه وكفاحه، وخطّ سيرته بدمائه وتضحياته، لم يكن يوماً بوقاً لأحد، ولم يكن من أولئك الذين يبدّلون مواقفهم وفق المصالح، بل ظل ثابتاً كالصخر، صلباً كالفولاذ، لا يعرف التنازل ولا الخنوع.
ليس غريباً أن يتعرض الصبيحي لحملة افتراءات وتشويه، فالأقزام لا تستطيع العيش إلا في الظلام، ولا يمكن لها أن ترى العمالقة إلا بمنظار الحقد والحسد؛ هؤلاء الذين امتهنوا بيع الذمم، واعتادوا تزييف الحقائق، لا يستطيعون تقبّل وجود رجلٍ بحجم محمود الصبيحي، لأنه ببساطة يُعرّي زيفهم، ويفضح خيانتهم، ويكشف عمالتهم لمن يدفع أكثر.
إنها ليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها الرموز الوطنية، ولن تكون الأخيرة، فهناك دائماً من يسعى لتحطيم أي قامة وطنية تقف في وجه مشاريعهم المشبوهة، لكنهم ينسون أن الشمس لا تُغطى بغربال، وأن التاريخ لا يُكتب بالكذب.
لم يكن محمود الصبيحي قائدا عسكريا عابر، بل كان رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، قائداً ميدانياً خاض معارك الشرف، لم يكن من أولئك الذين يصدرون الأوامر من المكاتب الوثيرة، بل كان في مقدمة الصفوف، رجلٌ يعرفه الميدان قبل أن تعرفه المنابر، ويشهد له جنوده قبل أن تتحدث عنه وسائل الإعلام.
لقد تدرج الصبيحي في المناصب العسكرية عن جدارةٍ واستحقاق، لم يقفز فوق الآخرين بالمؤامرات، ولم يبحث عن مجدٍ شخصي، بل كان مجده في خدمة وطنه، وكان شرفه في الذود عن تراب بلاده. فهل يُعقل أن يأتي اليوم من يحاول تشويه تاريخه؟ هل يُمكن لأقلامٍ مأجورة أن تنال من رجلٍ نذر حياته لخدمة وطنه؟
إلى أولئك الذين يعتقدون أن بضع كلماتٍ رخيصة يمكنها أن تهزّ تاريخ الرجال، نقول لهم:موتوا بغيظكم، فالعظماء لا يهتمون بنباح الكلاب، والتاريخ لا يتوقف عند أبواقٍ مأجورة، والرجال الحقيقيون لا تزعجهم صغائر الأمور.
الفريق محمود الصبيحي هو جبلٌ شامخ، والتاريخ وحده هو الذي سينصفه، أما أنتم، فمجرد فقاعاتٍ ستتلاشى مع أول هبة ريح ، لا يصحّ إلا الصحيح، ولا يبقى إلا الشرفاء، أما الخونة والعملاء، فالتاريخ كفيلٌ بأن يمحوهم من ذاكرته، كما يمحو البحر أثراً تافهاً على رماله.