تأخرت كثير ياحبيبي… !
اجل هي الصدفه التي اراد لي بها الله ان اتعذب كنت انا وزوجتي في رحله إلى عدن ولي من الذكريات الخوالد من اجمل أيام عمري وفي ذات ليله لحت علي أم الحسين ان اصطحبها إلى السوق لشراء بعض الحاجيات فأخذتها على مضض رغم كراهيتي لمصاحبتها فهي لاتقنع بالشراء بسهوله ولابد ان تلف السوق طوله وعرضه وتضغط على اعصاب البائعين بمعاينة جميع البضاعه وتعليقاتها الساخرة ثم في النهايه لاتشتري شي .. لم يبقى إلا مكان في الركن مازحتني أم الحسين قد يكون هذا الدكان المنزوي فيه طلباتنا دخلت هي والبنات قبلي اما انا فما كدت ان ادخل حتى وقع بصري على آخر ماكنت اتوقعه من المفاجأت تسمرت مكاني وجف ريقي ..ذهلت وكدت افقد توازني حاصرتني بنظراتها فأنا كنت خطيبها لم يكن فيها حقد ولاكراهيه بل كانت تلك الرقه والعذوبه من الحب وكأننا افترقنا قبل لحظات ثم جالت ببصرها بين زوجتي وبناتي وعلى وجهها تعبير ندم واسيان ..فهمت من خلال لمحاتها واحسست بوخز الضمير الاولاد التي تنظر اليهم هي الاسرة التي كانت تحلم بأن تكونها معي آه ياإلهي كم انا حقير ونذل ولم افيق إلا على صوت أم الحسين وهي تعنف البائعه المسكينه ذات الوجه الشاحب وتقول هذه الشمطاء لاتصلح للبيع فقد رفضت ان تفرجني على انواع البخور زفرت وانا موجوع ولوحت للبائعه معتذرا لها عن مابدر من سلوك مشين لزوجتي ..كانت ام الحسين تسب وتلعن البائعه الصوماليه وتوصمها يالعجوز الشمطاء اما انا فقد كنت شارد الذهن لو رأني كافر لرق لحالي ..ولم يغمض لي جفن في تلك الليلة تحركت ذكرياتي ..عجوز شمطاء ماكانت سميرة ابدا عجوز ومارأيتها في ذلك اليوم إلا جميلة الروح والاخلاق كانت سميرة زهرة نديه اجمل فتاة عرفتها في شبابي كانت رقيقه وطاهرة وقد آثرتني على الجميع بالتجاوب ووثقت مني بالزواج وانا البدوي الغريب ولقد خشيت من الاعتراف لها من أن امي قد قطعت شرط على نفسها ان تزوجني ببنت خالتي احببت نفسي وخشيت ان ابوح لها فأفقدها ...ووجدتني في اليوم التالي اهرول بأتجاه المحل فتسمرت وصعقت عندما لم اجدها وخشيت ان صاحب المحل قد اخذ بنصيحة زوجتي المجنونه ..وطردها من المحل سألت صاحب المحل عن المرأة وقلت له اين هي انها لم تخطئ بل زوجتي هي…… وقاطعني الرجل العجوز قائلا اعرف ذلك سميرة بائعه ممتازة منذ اكثر من عشر سنوات لكن صحتها في تدهور وربما لم تستحمل ذلك بالأمس فهي مريضه وقد طلبت مني ان تستريح اليوم قلت بقلق اريد اريد ان اعتذر لها عن مابدر من زوجتي قال لاعليك ستحضر غدا بأذن الله وفي الغد ذهبت اليها ورغم الضعف والشحوب كانت عيناها تلمعان بذلك البريق الاخاذ وماكادت تراني حتى قالت تعبت نفسك يامحمد ولاداعي للاعتذار قلت اسمعيني جيدا اريد ان اتحدث معك في امر مهم ثم شاحت بوجهها عني وقالت ارجوك يامحمد قبلت اعتذارك عن ماجرى بالأمس كما قبلته مماحدث منك في الماضي توقفت وانا اعترض طريقها وقلت ارجوك ارجوك وابوس رجلك بعدها خنقتني العبرات ارجوك امنحيني هذة الفرصه سأكون بأنتظارك خارج المحل ثم اتت سميرة بعد نهاية دوامها واحسست انه مكانها الطبيعي ..قبل عشرين سنه من فراقنا اتجهنا إلى منتزة نشوان حيث كانت ذكرياتنا وطلبت مني سميرة عدم نبش للماضي حتى لانشوة صورة الايام الجميلة ..قلت حدثيني عن ماجرى لك ثم حكت لي سميرة عمر ابراهيم عن وفاة والدها وعن صحتها الذي بدأت في التدهور تأملت الشحوب على وجهها والذبول على جسمها ..ثم قلت لها يجب ان تهتمي بصحتك ..فقالت صدقني أنني غير مهتمه وحتى لو اهتميت فمن اين املك حتى اعرض نفسي على الاطباء ..تألمت كثيرا وشعرت برغبه في البكاء ووجدتني اعرضها على الاطباء كنت اريد ان اكفر عن غلطتي قسوت على نفسي ووضعت سميرة تحول جذري في حياتي ..اصبحت رقيق المشاعر والاحاسيس وغزير المدامع ..وقد دفعني ذلك ان اتم مراسيم الزواج با اسرع مايمكن وكأنني مع سباق مع الغدر كنت شارد الذهن بين زوجتي الجريحة في المدينة وبين زوجتي المسكينة أم بناتي الصم والبكم في الريف ..هكذا شاءت لي الاقدار فعندما اكون إلى جانب سميرة كانت تحثني قبل الموعد بيوم إلى السفر الى الريف حيث ام البنات فلربما احتاجوا شيئا وفي احد الليالي اشتد المرض بسميرة وفارقت الحياة تاركة لي بحور من المآسي والالام ولن انساها طول ماحييت ..ورغم اسعافهم لها ومحاولتهم لها ان تعطيهم عنواني إلا انها اثرت الرفض حتى لاتسبب لي متاعب مع زوجتي أم الحسين ..وبرت سميرة بااتفاقنا الذي من شروطه عدم افشاء زواجنا وصلت دار سميرة بعدما واروها التراب ..فبكيت بصوت مسموع على إثرة هرعوا نحوي اهل العمارة ..عمارة ميون بالمعلا ..بعدها عدت ادراجي ووجدت اغراضي وملابسي مرتبه ومكويه وكأنها تودعني سميرة الوداع الاخير ولسان حالها يقول تأخرت كتيييير ياحبيبي… !
البدوي محمد صائل مقط ...
ملحوظة يرحمكم الله لمن يسألني عن حكايتي مع سميرة فهي ليست من واقع الخيال ..هي حقيقة ويعلم بها كثير من الناس ومدونه في كتابي الذي ألفته قبل 15 سنه بعنوان ( خواطر مسافر) ..