واقع التعليم بنظام النفقة الخاصة في الجامعات الحكومية اليمنية

واقع التعليم بنظام النفقة الخاصة في الجامعات الحكومية اليمنية
شعار جامعة صنعاء

(أبين الآن) كتب : عبدالله مناوس

في بلد أنهكته الحرب، وتكاد تُغلق فيه أبواب المستقبل، يبدو أن حتى ما تبقى من أملٍ بات يُشترى ويُباع.
نظام “النفقة الخاصة” الذي توسع في معظم الجامعات الحكومية اليمنية، وعلى رأسها جامعة صنعاء وعمران، تحوّل من حلّ استثنائي إلى قاعدة تُستثمر فيها الفوارق التعليمية وتُختزل العدالة التعليمية في فاتورة مالية.


في هذا النظام، إن حصل الطالب على معدل أقل من المطلوب لدخول التخصصات المرغوبة – كـالطب أو الهندسة – يُفتح له بابٌ آخر: ادفع، ثم ادخل.
لكن السؤال المؤلم:
من أين لطالب فقير أن يدفع؟!


المال بدل المعدل؟


في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يصبح من الطبيعي أن يتأثر تحصيل بعض الطلاب في الثانوية العامة. لا لأسباب عقلية أو كسلاً، بل لأن كثيرًا منهم يعملون بعد المدرسة لإعالة أسرهم، أو يدرسون في ظروف معيشية قاسية، بلا كهرباء أو تغذية أو أدوات.
يخرج من الثانوية بمعدل “70%” مثلاً، ويحلم أن يدخل كلية الطب ليعالج الفقراء مثله، لكن النظام الجامعي يقول له:
“معدلك لا يؤهلك… إلا إذا دفعت 3 آلاف دولار!”


في المقابل، طالب آخر من أسرة ميسورة، معدله قد يكون أقل حتى، لكنه يملك المال… فيحصل على المقعد، والفرصة، والمستقبل.


هل تحوّل التعليم إلى سلعة؟


في جامعات كـجامعة صنعاء وعمران وذمار وغيرها، أصبح القبول في الكليات الطبية والهندسية عبر “النفقة الخاصة” أوسع من القبول المجاني.
هذا يعني أن الجامعات لم تعد تقيس الكفاءة فقط، بل تعوّض العجز المالي فيها من جيب الطالب.


والسؤال هنا:
هل من العدل أن تُباع الفوارق الأكاديمية؟
هل نريد فعلاً “جودة تعليم” من خلال جعل التعليم محصورًا في القادرين فقط؟


التعليم الجيد ليس امتيازًا للأغنياء


إذا كانت الجامعات الحكومية تبحث عن الجودة، فلتبدأ بالمعايير الأكاديمية لا بالرسوم.
الجودة لا تصنعها الجباية، بل:
 • اختيار أساتذة أكفاء،
 • تطوير المناهج،
 • تجهيز المعامل،
 • تدريب الطلبة عمليًا.


أما أن يُقصى آلاف الطلاب الفقراء من دراسة الطب والهندسة والعلوم التطبيقية فقط لأنهم لا يستطيعون الدفع، فهذا تمييز طبقي صريح، وقتل لروح “العدالة الاجتماعية”.


ما الحل؟


 • يجب أن يُعاد النظر في آلية القبول عبر النفقة الخاصة.
 • تخصيص نسبة مضمونة من مقاعد كل كلية للفئات الأقل دخلًا، خاصة في التخصصات الحساسة.
 • إنشاء صناديق دعم تعليمية للطلاب غير القادرين، بتمويل من الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات.
 • تفعيل منح التميز التي لا تعتمد فقط على المعدل النهائي، بل على ظروف الطالب ونشاطه وطموحه.


في الختام


الطالب اليمني اليوم لا يحتاج إلى فتات من الفرص، بل إلى بوابة مفتوحة للعدالة.
حين يصبح المال هو معيار القبول، نكون قد قتلنا ما تبقى من الحلم، ورفعنا شعارًا يقول:
“إذا كنت فقيرًا… فلا تجرؤ أن تحلم!”