تريم تحتفي برأس السنة الحميرية وتُحيي اليوم العالمي للتراث في أمسية تراثية فريدة

تريم(أبين الآن)خاص
شهدت مدينة تريم بمحافظة حضرموت، مساء الخميس 17 أبريل 2025، أمسية ثقافية وتراثية استثنائية في قصر عشة التاريخي، وذلك تزامناً مع الاحتفال برأس السنة الحميرية واليوم العالمي للتراث، في فعالية نظمتها مؤسسة "معد كرب الثقافية" ومؤسسة "الرناد للتنمية الثقافية"، بالشراكة مع الهيئة العامة للآثار والمتاحف بوادي حضرموت وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية شبام ووادي حضرموت.
وتعد هذه الفعالية من أبرز الفعاليات الثقافية التي تسلط الضوء على الهوية الحضرمية واليمنية الضاربة في عمق التاريخ، خاصة وأنها احتفت بأحد أقدم التقاويم اليمنية المعروفة، وهو التقويم الحميري الذي يعود إلى ما قبل الإسلام.
انقسمت الفعالية إلى جزأين رئيسيين، استُهل أولاهما بندوة علمية متخصصة ناقشت الموروث التاريخي والعلمي للتقويم الحميري والنقوش اليمنية القديمة، حيث قُدمت ورقتان بحثيتان:
الورقة الأولى بعنوان "ضبط الشهور والسنين عند قدماء اليمنيين" قدمها الدكتور حسين أبوبكر العيدروس، المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف بوادي حضرموت، وتناول فيها السياقات الفلكية والتاريخية للتقويمات القديمة وأهميتها في فهم الموروث اليمني.
أما الورقة الثانية فجاءت تحت عنوان "الحياة العلمية والعملية للأثري والمؤرخ الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه"، ألقاها البروفيسور محمد يسلم عبدالنور، مستعرضاً فيها الدور الريادي لبافقيه في مجال النقوش اليمنية واعتباره أحد أبرز أعلام التاريخ اليمني.
أما الجزء الثاني فكان مخصصاً للفن والتراث اللامادي، حيث قدمت فرقة الفنان عمر باعوضان باقة من الفنون الشعبية كـ"الزربادي" و"البني مغراه"، وسط تفاعل كبير من الحضور. كما أحيت جلسة دان شعبي ضمت عدداً من شعراء تريم ووادي حضرموت، ألقوا خلالها قصائد تعكس غنى الموروث الشفهي في المنطقة.
وفي الكلمات التي ألقيت. شدد الأستاذ أحمد الرباكي، المدير التنفيذي لمؤسسة الرناد في كلمته على أهمية الفعاليات الثقافية كرافد أساسي في الحفاظ على الهوية، مؤكداً أن "الاحتفاء بالتراث ليس ترفاً بل واجباً وطنياً". من جهته، أكد ممثل مؤسسة معد كرب الثقافية أن "التراث اليمني يواجه تحديات جسيمة تستدعي تضافر الجهود للدفاع عنه وصونه من الاندثار".
كما أشار الأستاذ حسن عيديد، مدير هيئة الحفاظ على المدن التاريخية بشبام ووادي حضرموت، إلى ضرورة رفع الوعي المجتمعي بمخاطر العبث بالمواقع التاريخية، داعياً إلى حماية المعالم المعمارية من التدخلات غير المدروسة.
وفي ختام الأمسية، جرى تكريم المشاركين، إلى جانب تكريم ملاك قصر عشة التاريخي، حيث تم تسليم درع تكريمي للأستاذ عارف حداد بن عمر بن شيخ الكاف.
وقد حضر الفعالية عدد من المسؤولين والأكاديميين والمثقفين، من بينهم الأستاذ عبدالله بن حميدان مدير مكتب الثقافة بمديرية تريم، والأستاذ محمد باشعيب مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، إلى جانب لفيف من رواد المؤسسات الثقافية والفنية وجمهور غفير من المهتمين بالشأن التراثي.
واختُتمت الفعالية وسط أجواء من الفخر والانتماء، مع دعوات بتكرار مثل هذه الفعاليات التي تعزز من حضور التراث اليمني في الوعي الجمعي وتربط الأجيال الجديدة بجذورها الحضارية الضاربة في أعماق الزمن.