اجتماعات بلا فعل.. مسرحية السلطة وصرخة الشارع
في قاعات مغلقة تتدفق الكلمات كالنهر، لكنها تتبخر قبل أن تلامس أرض الواقع. اجتماعات رسمية تُعقد هنا وهناك، بينما يغرق المواطن في بحر من الانهيار الاقتصادي والأسعار المُهوّلة. ماذا يعني أن تتحول الاجتماعات إلى طقوس فارغة، بينما الواقع يصرخ: "كفى وعوداً!"؟
"اشتري المواد الغذائية بالريال السعودي!".. بهذه الجملة يلخص "محمد"، أب لثمانية أطفال، مأساة يومه. العملة المحلية تنهار (وصل الريال السعودي إلى 645 في حضرموت)، والرواتب تتآكل أمام موجة غلاء لا ترحم. الأسعار ترتفع كطائرة ورقية في عاصفة، بينما الاجتماعات الرسمية تنتج خططاً ورقية، كساعة رملية تُقلّبها الأيام دون جدوى.
كأن الاجتماعات مسرحية مُخرجة بإتقان: مسؤولون يرفعون شعارات البرامج الإنقاذية، ويُطلقون وعوداً كـ"ألعاب نارية" تبهت سريعاً في سماء الواقع. الجمهور – خارج القاعة – يصرخ: "الشوارع تختنق، والجيوب خاوية!". لكن صرخاتهم تُدفن تحت ركام النقاشات البيروقراطية التي لا تنتهي.
السبب جليّ: غياب الشفافية والجدول الزمني. اجتماعات تُناقش المستحيلات، وتُهمل البديهيات. بلا خطة مُعلنة، أو التزام بمحاسبة. هل يعقل أن تتحول القرارات إلى "أحجية" لا يُكشف عن حلولها إلا في اجتماعات لاحقة؟!
المواطن يحمل همّ العيش كجبل على ظهره، بينما تُلقى عليه حجارة الوعود. الشوارع لا تُصلح بالخطب المُنمّقة، والأسر لا تشبع ببروتوكولات الصور التذكارية. السؤال المُزعج: كم اجتماعًا آخر نحتاج لمواجهة أسعار المواد الغذائية أو أدوية الأمراض المزمنة؟
التاريخ يُعلّم أن السفن الوهمية لا تصمد طويلاً. الشفافية والمحاسبة هما البوصلة الوحيدة لتحويل الكلمات إلى خطط ملموسة. آن الأوان لوقف مسرحية "الكلام الفارغ"، وبدء حوار حقيقي بين السلطة والمواطن. فالشعب لم يعد يثق إلا بلغة واحدة: لغة الإنجاز.
تذكّروا:
الاجتماعات ليست نهاية المطاف، بل بداية الطريق. فإما أن تتحول قراراتها إلى حلول على الأرض، أو ستُسجّل في سجلات الفشل، ويُحكم عليها بـ"إعدام الجماهير" عبر صمتٍ أخطر من الصراخ!