الكرامة اليمنية بين مهابة الوطن ومهانة السفارة

في ظلّ ما تمر به بلادنا من أزمات متلاحقة، وتشتّتٍ جغرافي وإنساني، تبقى كرامة المواطن اليمني في الداخل والخارج عنوانًا رئيسيًا لأي نهوض وطني حقيقي. ولأن صورة الدولة لا تتجلى في مؤسساتها الداخلية فقط، بل في تمثيلها الخارجي، فإن ما يحدث اليوم في بعض سفاراتنا في الخارج يبعث على الأسى والخجل، بل ويشكّل خيانة للأمانة التي أقسم البعض على صونها.
رُسمت اليمن في قلوب أهلها قبل أن تُرسم على خرائط العالم. تغنّى بها عشّاقها، وعلّقوا عليها آمالهم بوطنٍ يحتضنهم، لكنهم وجدوا أنفسهم في براثن أوهامٍ ممنهجة صنعها إعلاميون بلا شرف، وساسة خانوا دينهم قبل أوطانهم.
لقد تلاحقت الأحداث، وتسلسلت الصفقات، وضاعت الأرض وخيراتها، واقتسم وطننا جماعاتٌ لا تنتمي إليه سوى بالجواز. واليوم، نرى في بعض السفارات حالات من الاستغلال والانحراف الوظيفي، وصلت إلى حد المساومة على الشرف مقابل إنجاز معاملة!
ما يحدث ليس من وحي الخيال، بل وقائع مؤلمة تحكي انحدارًا أخلاقيًا لموظفين في بعثاتنا الخارجية، يُفترض أنهم يمثلون وجه اليمن المشرّف. فهل أصبح المواطن اليمني سلعة تُساوم عليها، أو رقماً يُستنزف ماليًا دون مقابل خدمة؟ أين الجهات الرقابية؟ أين وزارة الخارجية؟ أين وزراء الهجرة والمغتربين؟
من المؤسف أن يكون بعض من يسيئون للمواطنين ليسوا يمنيين، ويُتركون بلا مساءلة، وكأنهم محميّون من فوق، بينما يتم تجاهل معاناة من يمثلون هذا الوطن الكريم.
ولذلك، أتقدّم بجملة من المقترحات الإصلاحية العاجلة، عسى أن تجد آذانًا واعية وضمائر يقظة:

1. تقييم شامل لموظفي السفارات وفق معايير الكفاءة، الأمانة، والإخلاص، بعيدًا عن المحسوبيات.
2. إحالة المخالفين للادعاء العام واسترداد الحقوق بالطرق القانونية، سواء كانوا يمنيين أو غير يمنيين.
3. مراجعة شاملة للرسوم والمعاملات الباهظة، وربطها بخدمة حقيقية ملموسة.
4. معاقبة كل من يثبت عليه الاستغلال أو الاحتيال أو الإساءة لسمعة اليمن، وإعادته فورًا.
5. تركيب نظام مراقبة متكامل في المرافق التي تستقبل الجمهور بالسفارات، لحماية الطرفين.
6. إجراء تقييم ربع سنوي لأداء السفارات ومساءلة القائمين عليها.
7. إشراك الجاليات اليمنية في العمل التطوعي في البعثات الدبلوماسية، لتقليص توظيف غير اليمنيين.
8. نشر أسماء المتورطين في قضايا فساد أو استغلال بعد ثبوت الأدلة، ليكونوا عبرة لغيرهم.
هذه ليست دعوة للفوضى، بل نداء للعدالة، والكرامة، واستعادة دور المؤسسات. فهل نسمع ردًّا مسؤولًا؟ وهل يتحرك الضمير قبل فوات الأوان؟


المستشار د.عبدالناصر العمودي