المعارضة الإيرانية تكشف المشروع السري النووي الإيراني 

المعارضة الإيرانية تكشف المشروع السري النووي الإيراني 

(أبين الآن)متابعات

الكشف عن مشروع سري للأسلحة النووية في إيران: تهديد وشيك للسلام العالمي

كشفت معلومات جديدة عن مشروع سري للأسلحة النووية في إيران، ينفذه "منظمة الابتكار والبحث الدفاعي" (SPND) منذ عام 2009 في منطقة إيوانكي، بمدينة گرمسار في محافظة سمنان. هذا الموقع، المعروف برمز "رينغين كمان" (قوس قزح)، يمتد على مساحة تقارب 1000 هكتار (حوالي 2500 فدان)، ويعمل ظاهريًا تحت غطاء شركة كيميائية تُدعى "ديبا إنرجي سينا". هذا الكشف، الذي يأتي وسط مفاوضات نووية حساسة بين إيران والولايات المتحدة، يقدم أدلة مقلقة على سعي إيران لتطوير أسلحة نووية متقدمة، مما يثير تساؤلات جدية حول نواياها الحقيقية وتأثير ذلك على الاستقرار الإقليمي والعالمي.

تفاصيل مشروع رينغين كمان ودور التريتيوم 
يُصمم مشروع رينغين كمان لتطوير أسلحة نووية معززة، قادرة على التركيب على صواريخ باليستية بمدى يتجاوز 3000 كيلومتر، مما يشكل تهديدًا محتملاً لأوروبا وحتى الولايات المتحدة. يركز المشروع بشكل أساسي على استخراج التريتيوم، وهو نظير مشع يعزز القوة التفجيرية للأسلحة النووية، خاصة في الأجهزة الانفجارية (implosion-type)، ويمهد الطريق لإنتاج قنابل هيدروجينية. التريتيوم، على عكس اليورانيوم المخصب، لا يملك تطبيقات مدنية تُذكر، مما يناقض ادعاءات إيران المتكررة بأن برنامجها النووي سلمي. منذ عام 2013، نقلت SPND خبراء الاندماج النووي والتريتيوم من "منظمة الطاقة الذرية الإيرانية" إلى هذه المنظمة بسرية تامة، وأصدرت تعليمات بعدم نشر أي مقالات متعلقة بهذا المجال.

هيكلية الموقع وإجراءات الأمن
بدأ تشييد موقع رينغين كمان في عام 2009 وأصبح جاهزًا للعمل في عام 2013. 

يتألف من ثلاثة أقسام مستقلة تشبه المصانع، ومقر مركزي، ونقطة تفتيش عند المدخل. يقع الموقع في وادٍ قرب جبل كلراز، ضمن منطقة تُعرف بـ"كوه سفيد" (الجبل الأبيض)، وصُمم بحيث تكون أجزاء منه مخفية تحت الجبال لتجنب الكشف عبر الأقمار الصناعية. يتولى "قوة الفضاء الجوي" التابعة للحرس الثوري حماية الموقع بنشر رادار "قدير" طويل المدى ونظام دفاع صاروخي قريب. 

هذا المستوى من الأمن يعكس الأهمية الاستراتيجية للموقع. طريق الوصول إلى الموقع، الذي يتفرع من طريق طهران-سمنان السريع، تحت السيطرة العسكرية، ويُمنع المدنيون من دخوله.
الشركات الوهمية ودور وزارة الدفاع
تُعد شركة ديبا إنرجي سينا واحدة من خمس شركات وهمية تُدار تحت مظلة "شركة بيشتازان توسعة صناعية آريا راضي"، التي تُظهر نفسها كعاملة في الصناعات الكيميائية والبتروكيماوية، لكنها في الواقع تدعم مشاريع SPND النووية. هذه الشركة القابضة كانت تُدار في البداية بواسطة العميد في الحرس الثوري ناصر مالكي، نائب رئيس منظمة الفضاء الجوي في وزارة الدفاع آنذاك، والذي أُدرج في قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي عام 2007 بسبب أنشطته المتعلقة بالصواريخ والأسلحة النووية. 

أعضاء مجلس الإدارة الأوائل، بمن فيهم أشخاص لهم خلفيات في منظمة الفضاء الجوي وإنتاج صواريخ شهاب-3 (القادرة على حمل رؤوس نووية)، يكشفون عن العلاقة الوثيقة بين هذا المشروع وبرنامج الصواريخ الإيراني. يُخفى المشروع تحت غطاء برنامج إطلاق الأقمار الصناعية، الذي يُعتبر جزءًا من جهود تطوير صواريخ مسلحة برؤوس نووية.

السياق التاريخي وفشل المشاريع السابقة

بدأ هذا المشروع بعد توقف "خطة عماد" في عام 2003، التي هدفت إلى إنتاج خمس رؤوس نووية لصواريخ شهاب-3. بعد الكشف عن مواقع مرتبطة بخطة عماد في شرق طهران، غيّر النظام الإيراني استراتيجيته وأنشأ شبكة من المواقع الجديدة في محافظة سمنان، التي أُعلنت منطقة عسكرية. طُورت مواقع إيوانكي، گرمسار، شاهرود، وسمنان منذ عام 2009 وأصبحت جاهزة في عام 2013. هذا التغيير في الموقع واستخدام الشركات الوهمية يعكسان محاولة النظام لخداع الجهات الرقابية الدولية، بما في ذلك وكالة الطاقة الذرية الدولية (IAEA).

الآثار الدبلوماسية والإقليمية
يحمل هذا الكشف تداعيات عميقة على الدبلوماسية النووية والأمن العالمي. أولاً، إنتاج التريتيوم وتطوير أسلحة نووية متقدمة يشكلان انتهاكًا واضحًا لالتزامات إيران بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT). يجب على وكالة الطاقة الذرية، التي سبق أن انتقدت عدم تعاون إيران، أن تطالب فورًا بتفتيش موقع رينغين كمان. رفض إيران قد يؤدي إلى تصعيد العقوبات، أو هجمات سيبرانية، أو حتى عمليات عسكرية. ثانيًا، يعزز هذا المشروع قدرة إيران على تهديد دول بعيدة، مما يثير قلق إسرائيل، دول الخليج، والقوى الغربية.

إسرائيل، التي تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، قد ترى في هذه المعلومات مبررًا لشن هجمات استباقية، مشابهة لما قامت به سابقًا ضد منشآت نووية إيرانية. دول الخليج العربي، خاصة السعودية، التي تشعر بالقلق من نفوذ إيران في اليمن ولبنان والعراق، ستطالب برد أكثر حسمًا من المجتمع الدولي. هذه الديناميكية تزيد من مخاطر نزاع إقليمي أوسع، خاصة مع دعم إيران للجماعات الوكيلة مثل الحوثيين وحزب الله.

كما أن المفاوضات النووية الجارية، التي تُجرى بوساطة عمان، معرضة للخطر. الثقة بإيران، التي كانت بالأصل هشة بسبب عدم الشفافية، ستتضاءل أكثر مع هذا الكشف. بدون ضمانات قوية، تشمل وقف جميع الأنشطة المتعلقة بالتريتيوم، تفتيشات مفاجئة، وتدمير المواقع السرية، سيكون أي اتفاق جديد هشًا. هذا الوضع قد يؤدي أيضًا إلى تفاقم الانقسامات الداخلية في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يطالب البعض باتباع نهج أكثر صرامة تجاه إيران.

الحل المقترح وضرورة العمل العاجل
لمواجهة هذا التهديد، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة:
1.    تفتيش فوري من الوكالة: يجب على وكالة الطاقة الذرية إطلاق تحقيق شامل حول موقع رينغين كمان وطلب الوصول الكامل إلى المنشآت.
2.    تصعيد الضغوط: يجب على المفاوضين فرض شروط أكثر صرامة، بما في ذلك وقف أي تخصيب وأنشطة متعلقة بالتريتيوم.
3.    تفعيل العقوبات: ينبغي تفعيل آلية العودة السريعة لعقوبات مجلس الأمن الدولي (snapback) قبل انتهاء صلاحيتها في الأشهر القادمة.
4.    مواجهة البرنامج الصاروخي: يجب إيقاف البرنامج الصاروخي الإيراني، الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من مشروع الأسلحة النووية.
ومع ذلك، الحل النهائي لإنهاء التهديد النووي الإيراني يكمن في إسقاط النظام الحالي. هذا النظام، الذي وثقت تقارير الأمم المتحدة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وقام بإعدام أكثر من 1200 شخص، بما في ذلك سجناء سياسيون، منذ تولي رئيسه الجديد المنصب، يسعى لامتلاك الأسلحة النووية فقط لضمان بقائه. دعم حق الشعب الإيراني في مقاومة الحرس الثوري وإنهاء حكم رجال الدين، دون الحاجة إلى تدخل عسكري أجنبي، يمكن أن ينقذ المنطقة والعالم من هذا التهديد. يجب على المجتمع الدولي أن يعترف بهذا الحق ويدعم جهود الشعب الإيراني لتغيير النظام، قبل أن يتحول التهديد النووي إلى واقع لا يمكن تجنبه.