محاضرة عن: وسائل لبناء شخصية قوية للطفل!!..
كيف تبني شخصية قوية لطفلك؟..
من الأخطاء الشائعة لدى الوالدين في تربية أطفالهم، هو تركيزهم على الجانب المادي في حياة الطفل، والمتمثل بالاهتمام بتوفير الملابس والطعام والألعاب، بالإضافة إلى الاعتناء بالصحة الجسدية فقط، مما يعني إهمالهم الجانب المعنوي والنفسي، ونسيانهم بناء شخصية طفلهم، لذلك سنركز في هذا المقال على تناول أفضل الطرق الواجب اتباعها لتنمية شخصية قوية للطفل.
ما أهمية بناء شخصية قوية لطفلك؟.
يتميز كل طفل بشخصية خاصة به، وتظهر هذه الشخصية من خلال الاستجابة للتجارب بطريقة مختلفة؛ فقد تكون استجابة الطفل قوية، أو خجولة، أو انفعالية، أو حتى مزاجية، وكذلك تظهر عن طريق التعلم بطرق مختلفة؛ كالتعلم البصري، أو السمعي، أو الحركي، لذا يجب التعامل مع الطفل بطريقة إيجابية تتناسب مع شخصيته، وإن فهم شخصيته ستساعده على نموه العاطفي والصحي، عن طريق تقديم الرعاية والأنشطة التي تناسب احتياجاته، لا سيما منذ ولادته لغاية 3 سنوات، إذ تعد هذه المرحلة الأكثر أهمية في نمو الطفل، ومن الضروري الإشارة إلى أن احتياجات الطفل تختلف بالاعتماد على عمره وشخصيته.
ما هي أفضل الطرق لبناء شخصية الطفل.
توجد العديد من الطرق والأساليب التي يمكنك اتباعها لتنمية شخصية طفلك بشكل صحي، وفيما يأتي عرض لأهمها:
1. الاستماع الجيد للطفل.
لا بد من الاستماع لطفلك جيدًا، والاهتمام بما يقوله، وإعطائه المساحة الكافية للتعبير عن نفسه وآرائه، فهذا سيجعله يشعر بالأمان والثقة بالنفس، وهذا يشكل شخصيته المستقلة.
2. السماح باللعب الحر.
من المهم جدًّا السماح للطفل باللعب الحر دون قيود، إذ يجب تركه يختار اللعبة أو الرياضة التي يرغب بها، والسماح له باللعب مع الأطفال الآخرين في النوادي الرياضية والحدائق؛ وذلك لتنمية قدرته على المشاركة الاجتماعية، وبناء الاهتمامات، وامتلاك المرونة اللازمة لتعلم مهارات جديدة ومشاركتها مع الآخرين.
3. تحديد وقت مخصص لاستخدام أدوات التكنولوجيا.
لا بد من تحديد وقت معين لطفلك ليقضيه بمشاهدة الرسومات الكرتونية على شاشة التلفاز، أو اللعب على الهواتف والأجهزة الذكية؛ وذلك لأن قضاء الكثير من الوقت عليها يؤدي إلى إدمانها، مما يحد من قدرات طفلك العقلية ونشاطاته الاجتماعية، كما يتسبب بتقليل تركيزه وانتباهه والتأثير على جودة نومه، وفي الوقت نفسه يجب عليك استثمار وقته بتقريبه من الآخرين بدلًا من تعلقه بالعالم الافتراضي.
4. مساعدة الطفل في تشكيل شخصية مميزة.
يبدأ الطفل بتشكيل شخصيته الفريدة، بناءً على قوته واحتياجاته، والتي تختلف حتى عن أشقائه، لذا لا ينصح بإجبار طفلك على أن يصبح نسخة عنك، أو عن أحد تعرفه، فقط عليك توجيهه لما تراه مناسبًا، وصحيحًا.
5. تجنب إطلاق الألقاب السلبية.
قد يكون وصف طفلك بالألقاب والصفات السلبية أسوأ أمر يمكنك أن تفعله له، فالطفل كالعجينة يمكنك تشكيله بكلماتك، فعندما تقول له أنه غبي، سيصدق ذلك مع مرور الوقت، عدا عن فقدانه للأمان عند تكرار سماعه لتلك الكلمات الجارحة.
6. مشاركة الطفل اهتماماته.
يجب عليك مشاركة طفلك اهتماماته كالقراءة، واللعب، وتجربة أنشطة جديدة، فهذا سيقوي علاقتكما، ويساهم في نموه النفسي بشكل صحي.
7. تقبل الطفل.
عندما تتعلم أن تتقبل نفسك بمميزاتها وعيوبها، ستتعلم تقبل طفلك كذلك، وهذا سيؤدي إلى خفض توقعاتك المثالية عن طفلك، مما ينعكس على نفسية طفلك وتقبله لنفسه بشكل إيجابي، فبدلًا من شعوره بالحزن عند فشله في شيء ما أو خسارته، سيبدأ بالمحاولة من جديد، وسيستطيع التغلب على الانتقادات السلبية، والمواقف الصعبة التي قد يتعرض لها عند اختلاطه بالآخرين.
8. تجسيد القدوة الحسنة.
من المؤكد أن الأهل هم المعلم الأول للطفل، لذا يجب عليك أن تكون قدوة لطفلك، عن طريق التزامك بالأخلاقيات التي تعلمه إياها، وابتعادك عن الأفعال الخاطئة.
9. تحديد الأولويات.
الأبوة والأمومة، هما قراران شخصيان، لذا عليك تحمل مسؤولية قرارك، بتحديد أولوياتك وتنظيم وقتك، ووضع طفلك على رأس القائمة؛ لمنحه الاهتمام الكافي.
10. التعلم من الأخطاء.
لا بد وأننا جميعًا نرتكب الأخطاء، لكن يختلف تعاملنا مع هذه الأخطاء وتقبلها، وهذا يعني أن عليك تعليم طفلك أنه لا بأس بارتكاب الأخطاء في أثناء التعلم، والمهم المحاولة من جديد؛ لإصلاح الأخطاء، وتفاديها مستقبلًا، دون الخوف أو الحرج من ذلك.
11. امتلاك القوة.
القوة العقلية لا تعني القساوة، أو انعدام الشعور والإحساس، وإنما تعني أن يمتلك طفلك المرونة، والشجاعة، والثقة بالنفس، والإيمان بقدراته، وإن تعليم الطفل أن يكون قويًّا يتطلب التدريب والممارسة ووضعه في مواقف يحتاج فيها إلى الاعتماد على ذاته، وإن هذه القوة التي يتعلمها الطفل ضرورية لأنها تمكنه من حل المشكلات التي يقع فيها.
12. التحكم بالعواطف والرغبات.
يجب أن يتعلم طفلك كيفية التحكم بمشاعره، والسيطرة عليها، بدلًا من أن تسيطر عليه عواطفه ورغباته، فقد تقودنا أحيانًا عواطفنا ورغباتنا لأمور خاطئة؛ كالكسل، وإهمال الواجبات.
13. مواجهة المخاوف.
جميعًا نخاف من شيء ما؛ كالوحدة، والفقد، والفشل، وربما من الظلام، أو التجمعات، أو الغرباء، لذا لا بد من تعليم الطفل مواجهة هذه المخاوف والقضاء عليها، حتى لا تسيطر عليه فيما بعد.
14. القراءة في أسس تربية الأطفال.
من الطبيعي أن تفتقر للخبرات والمعلومات الكافية لتنشئة الطفل بشكل سليم، لا سيما إذا كان طفلك الأول، لذا حاول تثقيف نفسك بقراءة كتب التربية، وتصفح المواقع الإلكترونية الموثوقة، ومشاهدة البرامج التربوية، وزيارة المختصين، فهذه الخطوة مهمة جدًّا لتربية طفل قوي.
15. وضع القوانين
يجب أن تتدرج مع طفلك بوضع القوانين التي تجدها مناسبة لعمره، فوضع قواعد للنوم والأكل واللعب، سيكسبه القدرة على الالتزام، وإنهاء المهام المطلوبة منه لاحقًا، وسيقلل الخلافات بينكما.
16. العقوبات المناسبة للأخطاء.
إن العقوبات أمر ضروري لفهم الأخطاء وتحمل المسؤولية، وعلى الرغم من ذلك يجب الانتباه إلى أن تكون العقوبة مناسبة لخطأ الطفل، إذ سيتذكر طفلك أنه عند ارتكابه لتصرفات خاطئة، كتكسير الأشياء من حوله، أو الصراخ في الأماكن العامة، أنه سيتلقى العقوبات، وحينها سيمتنع عن فعلها، ولكن عليك وضع عقوبات مناسبة لقيمة خطئه، واستخدام أساليب الحوار والإقناع والحيل، بدلًا من الرفض دون مبرر، وكذلك يجب الامتناع كليًّا عن العقوبات المسيئة أو العنيفة.
متى تتضح شخصية الطفل؟..
سيبدأ طفلك بالتعبير عن نفسه بالكلمات بدايةً من عمر 3 سنوات، كما سيبدأ بالتحكم بنفسه، واتخاذ القرارت في مرحلة ما قبل المدرسة، وهذا مهم لتقوية ثقته بنفسه، حينها سيقل اعتماده عليك، إلا أنه سيزداد تعلقًا بك في عمر 5 سنوات، ثم سيبدأ بإدراك أن لك احتياجاتك والتزاماتك الخاصة كالعمل، لذا لا بد من تعلمه كيفية تهدئة نفسه، والتحكم بمشاعره وحده.
هل تؤثر البيئة المحيطة بالطفل على شخصيته؟..
بالطبع، للبيئة الأثر الأكبر في تشكيل شخصية الطفل، على الرغم من أن المعظم يعتقد أن الصفات الشخصية تقتصر على الصفات الفطرية الوراثية، إلا أن الصفات المكتسبة هي التي تلعب الدور الأكبر في ذلك، إذ إن طبيعة الأهل، والعادات والتقاليد التي يتبعونها، والجو السائد في المنزل، هي أول بيئة يختلط بها الطفل، فيكتسب عدة صفات منها، ليشكل انطباعه الأول وأفكاره، ثم ينتقل إلى بيئة المدرسة والجامعة، ويختلط مع الجيران والأصدقاء، ليكتسب المزيد من التجارب التي تؤثر في شخصيته مع مرور الوقت، وقد تغير في صفاته وأفكاره، بالإضافة إلى تأثر شخصية الطفل بالأماكن التي يزورها، لا سيما إذا كانت الأماكن متنوعة الثقافات والعادات؛ لأنها ستعرضه لمواقف مختلفة، تكسبه خبرات جديدة، وتطور من شخصيته وتقويها، وبالنهاية نجد أن الفرق واضح في شخصية الطفل الذي يحتك بالمجتمع بشكل كبير، عن شخصية الطفل الذي يعيش في بيئة محدودة.
*تقديم: د. وليد ناصر الماس.*