محاضرة عن المجتمع المدني في عدن (1839-1967) بالمركز الثقافي اليمني في القاهرة

القاهرة (أبين الآن) خاص
أقام المركز الثقافي اليمني في القاهرة، اليوم الإثنين، محاضرة علمية بعنوان "المجتمع المدني في عدن (1839-1967)" قدّمها الدكتور يحيى قاسم سهل، أحد أبرز الباحثين في تاريخ المجتمع العدني، وقدمها للحضور الدكتور نزار غانم، في حضور نخبة من الأكاديميين والمهتمين بالشأن اليمني.
وفي مستهل الفعالية، ألقى الأستاذ نبيل سبيع، نائب مدير المركز، كلمة ترحيبية، شدد فيها على أهمية المحاضرة من الناحية الأكاديمية والتوثيقية، بالنظر إلى القيمة البحثية للدكتور سهل، وإسهاماته في مجالات القانون والتاريخ والمجتمع والفن في مدينة عدن. كما رحّب بالدكتور نزار غانم، أحد أبرز أعلام عدن الموسيقيين والباحثين الثقافيين، وصاحب الموسوعة المعروفة حول الموسيقى اليمنية.
وقدّم الدكتور نزار غانم مداخلة تحليلية حول كتاب الدكتور سهل الموسوم بـ*“المجتمع المدني في عدن”*، مشيدًا بمنهجه الذي جمع بين التحليل القانوني والسوسيولوجي في توثيق تحولات المجتمع العدني خلال فترة الاحتلال البريطاني. وأشار إلى أن الكتاب يرصد كيف أدت التشريعات البريطانية إلى نشوء نموذج مدني حديث، في بيئة متعددة الأعراق والثقافات، رغم التناقضات البنيوية التي حملها المشروع الاستعماري.
وتطرّق غانم إلى مسألة الهوية العدنية، مشيرًا إلى إشكالية شروط "العدنية" في التشريعات البريطانية، والتي همّشت أبناء المحميات اليمنية مقابل منح امتيازات لأبناء الكومنولث، مما ولّد توترات اجتماعية وسياسية لاحقة، تمظهرت في تعددية حزبية وصراعات انتهت إلى الكفاح المسلح.
من جهته، استعرض الدكتور يحيى قاسم سهل ملامح المجتمع المدني في عدن خلال الحقبة الاستعمارية، موضحًا أنه تم توثيق ما يزيد عن 433 هيئة مدنية، شملت أندية وجمعيات ونقابات وأحزاب، وهو ما يعكس حيوية مدنية متميزة في المنطقة. كما أشار إلى أن الإدارة البريطانية أصدرت أكثر من 900 قانون وتشريع بين عامي 1839 و1967، ما ساعد في ترسيخ بيئة مؤسسية ناضجة أسهمت في النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
كما لفت الدكتور سهل إلى أن الطبقة العاملة العدنية، التي نشأت بفعل هذه البنية القانونية والنقابية، لعبت دورًا محوريًا في تشكيل الحركات الوطنية والتنظيمات السياسية، وصولًا إلى مرحلة النضال من أجل الاستقلال في عام 1967.
وفي ختام الفعالية، دعا المشاركون إلى تعميق الحوار حول التاريخ المدني لعدن، باعتباره مرآة لفهم العلاقة المعقدة بين الاستعمار، والتحديث، وبناء الهوية الوطنية.