أنا سعيدة… ولم أعرف يومًا معنى السعادة

اسمي "سعيدة"، أُدرّس في مدرسة اسمها "عيشة كرامة" بزنجبار، لكن لا أنا عشت، ولا كرامتي وجدت لها مقعد في هذا الفصل المتهالك.

أبدأ يومي بطابور الصباح، أقف أمام تلميذاتٍ بوجوه باهتة و سوء تغذية . أرفع صوتي لأردد معهن "النشيد"... بينما تصرخ في داخلي أسئلة وجودية بلا إجابة.

أنا معلمة، لكنني أيضًا موظفة تنتظر فتات مرتبها منذ شهور تحت شمس لا ترحم. ووضع منهك.

أحمل في يدي قلم سبورة اشتريته من حساب دوائي.

قلمٌ واحد، اسود اللون، عمره أسبوع فقط، لكنه أغلى من راتبي…

على السبورة أشرح معنى "الكرامة"، وأمسحها كل يوم وأنا أستحي من نفسي لأنني أدرّس ما لا أعيشه.

يا دول الإنسانية،  

هل رأيتم شعبًا يُباد بصمت؟  

نحن لا نحيا في حالة طوارئ، نحن نعيش في حالة إلغاء وجود.  

شرعيةٌ فاسدة تتاجر بالخدمات… تتعامل مع المولدات وكأنها صناديق اقتراع تبتز به الشعب، تعطي من يصفق، وتعاقب من يصبر.

استقبلتم شرعية الفساد التي جوعت الشعب، وغضضتم الطرف عن حكومة تسرق الكهرباء والماء وتهرب بهما إلى حسابات بنكية في الخارج.

أنا لا أطلب صدقة، ولا منه.  

أنا "سعيدة"… التي كلّما كتبت على السبورة، جف القلم وابتسمتُ على مضض امام تلميذاتي ، لأنني أعرف أنني أُدرّس للمستقبل، حتى لو خذلني الحاضر.

/