المؤتمر الشعبي العام وخطر الإنقسام
تحرّك المؤتمر الشعبي العام الأخير في تشييع البرلماني “أبو علي” يحمل دلالة عميقة: أن هذا الحزب العريق لا يزال نابضًا بروح الجمهورية والوحدة.
ومن خلال متابعتي الطويلة لهذا الحزب منذ عام 1990 وحتى اليوم، أؤكد أن المؤتمر الشعبي العام لم يكن حزبًا عاديًا، بل كان بحجم الوطن، جامعًا لمختلف التيارات الفكرية والسياسية في البلاد. نشأ من معاناة الشعب، ومن نضاله من أجل التنمية، ومن كفاحه من أجل اليمن، من أجل الحق والحرية والكرامة.
ورغم ما تعرض له هذا الحزب من استهداف مستمر، إلا أنه بقي صامدًا في ظل قيادة الزعيم الراحل علي عبدالله صالح، الذي سار به ومعه في طريق طويل نحو ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية. وكان المؤتمر نموذجًا للتعايش الداخلي والانفتاح السياسي، ممثلًا لتنوع الآراء وتعدد الأصوات.
وها هو اليوم، في وجه هيمنة جماعة الحوثي، ينهض من جديد، ويعلن بوضوح موقفه الوطني. ونحن نرحّب بكل مبادرة من المؤتمر الشعبي العام داخل مناطق سيطرة الجماعة، لأنها تدل على أن الحزب لا يزال حيًا، قويًا، نظيفًا في توجهه، ويمتلك من الإمكانات ما يجعله قادرًا على قلب المعادلة السياسية إذا ما توفرت له الظروف المناسبة.
لكن التحدي الأكبر اليوم يكمن في الانقسام الذي يعاني منه الحزب، بعد أن أصبح مجزّأ إلى عدة فروع. لهذا، فإن مسؤوليتنا التاريخية تقتضي توحيد صفوف المؤتمر تحت مظلة وطنية واحدة، بحجم اليمن، تُعبّر عن طموحات الشعب وتضحياته.
على القيادات في الخارج أن توحّد كلمتها مع الداخل، وأن تتكاتف من أجل مشروع وطني جامع، يستعيد روح المؤتمر الشعبي العام كممثل حقيقي للجمهورية والوحدة، الحزب الذي تركه الزعيم علي عبدالله صالح أمانة في أعناقكم، بعد أن ضحّى بحياته، وكان بإمكانه أن يستبد أو يستخدم القوة، لكنه اختار طريق الحوار والديمقراطية.
إن المؤتمر الشعبي العام يجب أن يعود إلى واجهة العمل السياسي، كصمام أمان للوحدة وللجمهورية، وبالشراكة مع كل القوى السياسية المؤمنة بهذه المبادئ. ولا يمكن القبول اليوم بالتنازل عن هذه الثوابت التي دفع الشعب اليمني دماءً غالية من أجلها، في ثورة وجمهورية ووحدة ودولة.