لا تقلها: كلمة "لا أستطيع"

كتب : حسين أحمد الكلدي 

عندما كنا في سن الطفولة في الريف، كنا نتمتع بحرية تامة تُمكننا من القيام بكل ما نرغب فيه دون خوف أو عوائق، لأن الحياة الريفية تمنح الجميع، وخاصة الأطفال، مساحة أوسع من الحرية. في الريف، لا توجد شوارع مزدحمة أو مظاهر حياة مدنية تُعيق التصرفات العفوية، بل فضاءٌ رحبٌ مليءٌ بالامتيازات الطبيعية. وهذا ما يميزها عن الحياة في المدينة، حيث يفرض الآباء والأمهات كثيرًا من القيود بما يتناسب مع متطلبات الحياة المدنية. لهذا، حين يكبر أبناء الريف، يكون لديهم رصيد واسع من الثقة بالنفس يفوق أقرانهم في المدن، نتيجة اختلاف أساليب التربية. لقد أتيحت لهم فرص اختيارية في بناء حياتهم وأنفسهم منذ الطفولة، سواء في الدراسة أو العمل، وهذا يعكس إيمانهم الراسخ بقدرتهم على تحقيق أهدافهم، رغم محدودية الإمكانيات التي نشأوا عليها. فالثقة بالنفس التي اكتسبوها في الطفولة، والإيمان بإمكاناتهم الذاتية، كانت الأساس الذي بنوا عليه مستقبلهم في المقابل، كثير من الآباء في المدن يلقّنون أبناءهم ـ دون قصد ـ أنماطًا فكرية ومفاهيم سلبية نشأوا هم أنفسهم عليها. ومن هنا تتضح المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقك اليوم؛ فأنت المسؤول الأول عن ذاتك، وعن معتقداتك، وتقديرك لنفسك. أنت مسؤول مباشر عن تطوير ذاتك، وعن مستوى المفاهيم التي تنتهجها عن نفسك، وثقتك بقدراتك ومن خلال الحديث الإيجابي مع النفس، والتوجيه، والتدريب، والتعلُّم، والممارسة المستمرة، تستطيع أن تُنجز أي عمل. ومن هنا نقول: إيمانك بذاتك هو توجيه ذاتي. من المهم أن تلاحظ أن أكثر الأشخاص نجاحًا هم أولئك الذين آمنوا بأنفسهم، حتى وإن لم يكونوا الأشد موهبة. لقد ثابروا، وتدرّبوا، ودرسوا، وتأهلوا، وعملوا بجد يفوق غيرهم، وكان ذلك هو مفتاح نجاحهم. اختر ما تؤمن به، وابتعد عن العبارات الهدامة فعبارة "لا أستطيع" من أكثر القوى السلبية تأثيرًا في النفس البشرية. كما قال بول أرشيلي، المؤسس المشارك في مؤسسة "ليبرينغ استراتيجيز": "عبارة لا أستطيع هي أكثر الكلمات تدميرًا للذات." لذا، ثق بذاتك، وبقدراتك الكامنة في داخلك. أطلق العنان لها، ولا تسمح لها أن تبقى حبيسة في عقلك. آمن بنفسك وبطاقاتك، كما قال هنري فورد، مؤسس شركة فورد موتورز: "أنا أبحث عن رجال لديهم قدرة غير محدودة على تجاهل ما يُقال إنه لا يمكن إنجازه."

 4 أغسطس 2025