علماء يحذرون: الإسكندرية تواجه خطر الغرق.. والأكثر عرضة للخطر في البحر المتوسط

40 مبنى ينهار سنويًا.. دراسة تكشف انهيار البنية التحتية للإسكندرية.. الرمال تتحرك والبحر يتمدد

علماء يحذرون: الإسكندرية تواجه خطر الغرق.. والأكثر عرضة للخطر في البحر المتوسط
ارتفاع منسوب البحار والرمال المتحركة تهاجم الإسكندرية القديمة

من شرفة شقتها في الطابق التاسع المُطلة على كورنيش الإسكندرية، نظرت إيمان مبروك إلى الشريط الضيق من الرمال، الذي كان في السابق شاطئًا واسعًا لعبت عليه في طفولتها.

وقالت: “الصورة اختلفت تمامًا الآن”. فقد اقترب البحر، وامتدت الحواجز الخرسانية، وتشققّت المباني من حولها وتحركت.

تُظهر دراسة أن نحو 40 مبنى ينهار كل عام في ثاني أكبر مدينة بمصر، مقارنة بمبنى واحد فقط في المتوسط قبل عشر سنوات.

المدينة العريقة التي صمدت أمام قصف البريطانيين في ثمانينيات القرن التاسع عشر وهجمات الصليبيين في القرن الثاني عشر، باتت اليوم تواجه خصمًا أكثر خفاءً يتسلل إلى أعماقها.

تآكل السواحل وتسرب المياه المالحة عبر التربة الرملية

فمياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة آخذة في الارتفاع، ضمن ظاهرة عالمية ناجمة عن تغير المناخ.

وفي الإسكندرية، يؤدي ذلك إلى تآكل السواحل وتسرب المياه المالحة عبر التربة الرملية، مما يقوّض أساسات المباني من الأسفل، وفقًا للباحثين.

وقال الدكتور عصام حجي، عالم المياه بجامعة جنوب كاليفورنيا وأحد المشاركين في إعداد الدراسة المنشورة في فبراير: “لهذا السبب نشهد تآكل المباني من الأسفل إلى الأعلى”،

وأضاف أن الجمع بين ارتفاع منسوب مياه البحر المستمر وهبوط الأرض وتآكل السواحل يعني أن ساحل الإسكندرية تراجع بمعدل 3.5 متر سنويا في المتوسط على مدى السنوات العشرين الماضية، والتي تصف الأزمة المتنامية في الإسكندرية وعلى طول الساحل بأكمله

ارتفاع منسوب البحار والرمال المتحركة تهاجم الإسكندرية القديمة من الأسفل

حواجز، جرافات، وشقوق

أقرت الحكومة بالمشكلة وتعهدت باتخاذ إجراءات. فالحواجز الغاطسة تُقلل من قوة الأمواج الساحلية، في حين تُنقل كميات من الرمال لتجديد الشواطئ المُتآكلة.

وقال محافظ الإسكندرية، أحمد خالد حسن، إن تسعة حواجز خرسانية أُقيمت “لحماية الدلتا والإسكندرية من تأثير ارتفاع موجات البحر”

تمتد هذه الحواجز في البحر، على شكل كتل هندسية ضخمة ذات خطوط واضحة، في مشهد يتناقض مع الأبنية المتآكلة المتداعية على اليابسة.

تحاول السلطات استباق الانهيارات عبر هدم المباني المعرضة للخطر. وقد تم تحديد نحو 7,500 مبنى للهدم، على أن تُبنى 55 ألف وحدة سكنية جديدة، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال وقوفه على أحد الحواجز يوم 14 يوليو.

وأضاف مدبولي: “لا يمر يوم من دون انهيار جزئي أو كلي لمبنى سبق وصدر بحقه أمر إزالة”.

البعض يرى أن الإجراءات الحالية قد تُحدث فارقًا، وقال صاحب مقهى يُدعى شادي مصطفى بينما كان يراقب أعمال بناء أحد الحواجز: “لا توجد مخاطر الآن… لقد حسبوا حساباتهم”.

لكن آخرين أقل تفاؤلًا. فقد صنّف التقرير الصادر في فبراير شريط الإسكندرية الساحلي، البالغ طوله 70 كيلومترًا، على أنه الأكثر عرضة للخطر في حوض البحر المتوسط بأكمله.

وأشار إلى أن نحو 2% من مخزون الإسكان في المدينة – أي نحو 7,000 مبنى – ربما تكون غير آمنة.

الحواجز الغاطسة تُقلل من قوة الأمواج الساحلية في الإسكندرية

وفي ظل تدفق المزيد من الناس إلى المدينة يوميًا – إذ تضاعف عدد سكان الإسكندرية إلى نحو 5.8 مليون نسمة خلال الـ25 عامًا الأخيرة – تواصل أسعار العقارات الارتفاع رغم كل هذه المخاطر، بحسب مؤشرات السوق.

فمستوى سطح البحر آخذ في الارتفاع عالميًا، إلا أنه يرتفع بوتيرة أسرع في البحر المتوسط مقارنة بغيره من المسطحات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن حوضه الضحل نسبيًا يجعله يسخن بشكل أسرع.

وقال أحمد الأشري، وهو شاب يبلغ من العمر 26 عامًا من سكان الإسكندرية: “قد تكون الأسباب عالمية، لكن التأثيرات محلية”.

وأضاف: “هناك تغيّر في المباني، وتغيّر في الشوارع… كل فترة نحاول ترميم المباني، وبعد أقل من شهر تبدأ التشققات في الظهور. جيراننا بدأوا يشتكون من نفس الشيء”.