الشارع الجنوبي بين الصبر والخذلان
بقلم: سناء العطوي
يشهد الشارع الجنوبي في اليمن حالة غير مسبوقة من التململ الشعبي والاحتقان الصامت، وسط تدهور الأوضاع المعيشية واستمرار الانقسام السياسي، في وقتٍ يشعر فيه المواطن أن صوته لم يعد يُسمع، وأن معاناته أصبحت مادة للتصريحات لا للحلول.
بين أزمات المعيشة ووعود الحكومات
من عدن إلى أبين ولحج والضالع وحتى شبوة وحضرموت، يتفق الناس على أمرٍ واحد: أن الوعود تتكرر، بينما الواقع يزداد سوءًا.
انقطعت الرواتب لأشهر، وتضاعفت أسعار المواد الغذائية، فيما الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصحة تكاد تنهار كليًا.
هذا المشهد جعل الرأي العام الجنوبي يعيش حالة من الخذلان واللايقين، بعد سنوات من الوعود بإصلاحاتٍ اقتصادية وسياسية لم ترَ النور.
يقول أحد المواطنين في عدن: “لم نعد نطالب بالكثير، فقط نريد أن نعيش بكرامة… الرواتب تُصرف في الإعلام، لا في الجيوب.”
عبارةٌ تلخص حال الشارع الذي تعب من الصبر، لكنه ما زال يحافظ على توازنه خوفًا من الانزلاق نحو الفوضى.
صوت الشارع أقوى من الخطابات
رغم محاولات بعض القوى السياسية توجيه الرأي العام أو تطويعه، إلا أن الناس أصبحوا أكثر وعيًا من أي وقتٍ مضى.
فلم تعد الشعارات تُقنع، ولا البيانات تُطمئن، فالمواطن الجنوبي صار يقرأ المشهد بعقله لا بعاطفته، ويقيس صدق أي طرف بمدى ما يقدمه من أفعال لا أقوال.
يجمع المراقبون أن الرأي العام في الجنوب تحول إلى قوة صامتة لا يمكن تجاهلها، إذ إن استمرار التجاهل قد يدفع نحو انفجارٍ اجتماعي يصعب احتواؤه.
فالغضب الشعبي لم يعد يُعبّر عنه في المظاهرات فقط، بل في نبرة الحديث في الأسواق، وفي وجوه الموظفين بلا رواتب، وفي نظرات الشباب العاطلين عن العمل.
ماذا يريد الناس؟
الناس لا يطالبون بالمستحيل، بل بـ حكومة فاعلة، وشفافية حقيقية، وعدالة في توزيع الموارد.
يريد المواطن الجنوبي أن يشعر أن دولته قريبة منه، لا منقسمة عليه، وأن قرارات المسؤولين تُتخذ بناءً على معاناة الناس لا بناءً على مصالح ضيقة أو حسابات سياسية.
فـي الـنـهـايـة:
إن الرأي العام الجنوبي اليوم هو مؤشر خطر على صبرٍ بدأ ينفد، وثقةٍ تآكلت بفعل الوعود المتكررة.
وإذا لم تُسمع أصوات الناس وتُترجم إلى قرارات حقيقية، فإن الشارع قد يتحدث بطريقته الخاصة… حينها، لن تكون الكلمات قادرة على تهدئته.
الكاتبة: سناء العطوي