لماذا يجب تغطية مسألة الحد من مخاطر الكوارث؟

لماذا يجب تغطية مسألة الحد من مخاطر الكوارث؟

أبين الآن /حنان زبيس/ متابعات

أطلق مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في العام 2020 درسًا عبر الانترنت حول كيفية تغطية الحد من مخاطر الكوارث، وعيًا منه بضرورة مساعدة الصحفيين وهيئات البث الإذاعي والتلفزيوني في العالم على تعزيز الوعي بحدوث الكوارث وكيفية تعزيز قدرة الجمهور على مواجهتها.

تمت ترجمة هذا الدرس من الإنجليزية إلى العربية من قبل أكاديمية إتحاد الدول العربية التي أتاحته بشكلٍ مجاني على منصة التدريب عن بُعد الخاصة بها، انطلاقا من منتصف شهر مايو/أيار 2024، لتمكين الصحفيين في المنطقة العربية من الاستفادة منه.

ماذا يحتوي الدرس؟

يتكون هذا الدرس من ستة (6) أقسام متعلّقة بالحد من مخاطر الكوارث ويهدف إلى مساعدة الإعلاميين والصحفيين والمسؤولين عن البرامج الإذاعية والتلفزيونية على إنتاج وتقديم تقارير إعلامية وبرامج مهنية حول مخاطر الكوارث قبل وأثناء وبعد وقوعها.

بعد القسم الأول المخصص للتقديم العام للدرس والجمهور المستهدف منه، يأتي القسم الثاني ليُعطي فكرة عامة عن الحد من مخاطر الكوارث، ويشرح المصطلحات والسياسات المتعلقة بهذه المسألة.

في القسم الثالث وهو القسم الأكبر من الدرس، يتم التعريف بأنظمة الإنذار المبكر بالكوارث عبر شرح ما يجب أن يفعله الصحفي أو المذيع للتعامل مع رسائل الإنذار المبكر قبل وأثناء وبعد الكوارث. وقد جاء فيه تعريف الـ "CAP" - بروتوكول التحذير الموحد – وما يحتاج مراسلو توقعات الطقس إلى معرفته لتوصيل الإنذارات المبكرة بشكل أفضل للجمهور، باستغلال كل الوسائل التي توفرها تكنولوجيات الإتصال.

يقدّم القسم الرابع دليلًا للصحفيين والمنتجين ومديري البرامج حول كيفية تضمين قصص الحد من مخاطر الكوارث في إنتاجاتهم. ويتضمّن نصائح واقتراحات وأمثلة عملية تتعلق بإعداد وبث البرامج الإخبارية حول الكوارث، ومنها أن تحاول وسائل الإعلام:

 لفت انتباه الجمهور للحد من مخاطر الكوارث، ودعم جهود الإغاثة من خلال النشر السريع للمعلومات
 شرح خلفيات وأسباب الكوارث
 محاسبة المسؤولين على إجراءاتهم
الاستمرار في العودة إلى الحديث عن الكارثة بعد وقوعها للتأكد من أن الإجراءات التي وعد بها المسؤولون قد تم تطبيقها، وأن المساعدات قد ذهبت لمن هم في حاجة إليها، وأن جهود إعادة الإعمار تسير بوتيرةٍ معقولة.
ويُنصح في هذا الجزء بتنويع البرامج فيما يخص تغطية الكوارث، حيث يمكن التدرج من التقارير الإخبارية القصيرة والمباشرة التي تحاول سرد قصة يفهمها المشاهدون بسرعةٍ وسهولة وتكون عادةً في دقيقة أو دقيقتين، إلى القصة الخبرية التي تكون مدتها أطول، أي تتراوح بين 4 أو حتى 5 دقائق ليتم إعطاء تفاصيل إضافية. ثم يمكن المرور في مرحلة ثانية إلى تخصيص مجلة إخبارية حول الموضوع للتعمق أكثر في المسألة وغالباً ما تدوم حوالي ثلاثين دقيقة إلى ساعة يتم خلالها استدعاء الخبراء للتحليل وإبداء الرأي. 

أما القسم الخامس فهو مخصص للتعريف بكيفية إعداد أفلام وثائقية وبرامج تعليمية وتوعوية حول قضايا الحد من مخاطر الكوارث من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور. وقد جاء فيه أساسًا أنّ الأفلام الوثائقية حول الحد من مخاطر الكوارث ستُمكّن من إعطاء بيانات إضافية حول الكارثة التي حصلت وكيفية مواجهتها من قبل السلطات وستكشف بشكل استقصائي عن حقائق جديدة قد لا تكون ركّزت عليها التغطية الاخبارية السريعة.

بالتالي من المهم جدًا أن:

تُركّز على شهادات الضحايا أو الناجين ليوضحوا كيف عاشوا الكارثة وهل استفادوا من جهود إعادة الإعمار
 تتضمن لقطات أرشيفية لإعادة بناء الاحداث وكيفية تطورها
تتضمن شهادات لخبراء ليقدموا شرحًا حول الاسباب العميقة وراء حدوث الكارثة وهل كان يمكن تفاديها
 تكون فيها مساءلة للمسؤولين حول طريقة إدارة الكوارث.

[Read more: أفضل الممارسات عند تغطية الأزمات والكوارث والصدمات]

ويمكن أن يبث هذا النوع من الوثائقيات بعد مدة زمنية من حدوث الكارثة أو في الذكرى السنوية لها.

يعود هذ القسم أيضًا على كيفية إنتاج مواد تعليمية موجهة للجمهور وخصوصًا الأطفال والشباب لتوعيتهم بكيفية الوقاية من الكوارث وحماية أنفسهم، مثل الومضات التحسيسية أو إنشاء برامح ألعاب ومسابقات.

وإجمالًا يمكن لكل محطة بث أن تضع خطة إعلامية لتغطية مسألة الحد من مخاطر الكوارث على مدى عام كامل تُراوح فيها بين إنتاج التقارير الإخبارية والبرامج والوثائقيات، حتى يبقى هذا الموضوع حاضرًا في ذهن الجمهور وبالتالي تتم المساهمة في تقوية قدرته على الصمود.

يعد القسم السادس من هذا الدرس جديدا لم يكن موجودًا في النسخة الأصلية وتمت إضافته من قبل أكاديمية إتحاد الدول العربية لإعطاء طابع أكثر محلية للدرس من خلال تقديم أمثلة عن الكوارث الأكثر تواترًا في المنطقة العربية مثل الفيضانات والزلازل والأعاصير والعواصف الرملية وحرائق الغابات. بالإضافة إلى ذلك، فهو يُقدّم مجموعة من النصائح للصحفيين العرب لضمان التغطية الجيدة للحد من مخاطر الكوارث في المنطقة (قبل وأثناء وبعد الكارثة).

يوجد في آخر كل قسم اختبار الكتروني لابد من القيام به، إلى جانب مجموعة من المراجع التي يمكن للمشارك في الدورة الإطلاع. ويتحصّل في الأخير على شهادة نجاح في الدرس.

لماذا الحد من مخاطر الكوارث مهم؟

يتعلق الحد من مخاطر الكوارث بإنقاذ الأرواح وسبل العيش من خلال تغيير عقليات الناس. ويرتبط الأمر بالتحول من الاستجابة للكوارث إلى إدارة مخاطر الكوارث من أجل الحد من الهشاشة في مواجهتها. لذلك يمكن للإعلام أن يلعب دورًا في خلق ثقافة الوقاية وليس مجرد ثقافة رد الفعل، وذلك من خلال التوعية بالمخاطر والإنذار المبكر بها لتحسين الاستجابة لها، حيث يحتاج الناس إلى تزويدهم بالمعرفة والمهارات والموارد اللازمة لحماية أنفسهم من مخاطر الكوارث.

نشر ثقافة الوقاية لا يُمكّن من إنقاذ الأرواح والتقليل من الخسائر البشرية فحسب، وإنما التخفيض من كلفة الكوارث بصفة عامة سواء البشرية والمادية، على المستوى القريب أو البعيد، لأن لعدم الاستعداد الجيد لمقاومة الكوارث كلفة عالية تؤثّر على مجهودات التنمية المستدامة.

يلعب الصحفيون أيضًا دورًا في تسليط الضوء على مكامن الضعف في استراتيجيات الدولة للتصدي للكوارث بطرح الأسئلة الجيدة على المسؤولين وتحميلهم المسؤولية في حالة التقصير في أخذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث الكارثة أو للتقليل من آثارها.

ليس من المبالغة القول إنّ الحد من مخاطر الكوارث يمثل إحدى القصص الصحفية الكبرى في عصرنا بسبب ازدياد المخاطر يوماً بعد يوم، خصوصًا وأنها أصبحت تحصل بطريقة منهجية كما أن الكوارث صارت مترابطة ببعضها أكثر فأكثر، لاسيما مع تفاقم آثار التغير المناخي.

[Read more: كيف تحضر خطة عمل لتغطية الكوارث]
كيف نقوم بتغطية جيدة للحد من مخاطر الكوارث؟ 

تتطلب التغطية الجيدة لمسألة الحد من من مخاطر الكوارث أن تكون على ثلاث مراحل أساسية: "قبل الكارثة"، للتأكد من تبليغ المعلومة بسرعة كبيرة للجمهور لحماية نفسه، "أثناء الكارثة" حيث يمكن للإعلام أن يلعب دورًا في مساعدة فرق الانقاذ على إنقاذ الأرواح و"بعد الكارثة" لاستقاء ما يلزم من الدروس لتفادي الأسباب التي أدت لوقوع الكارثة أو تفاقمها.

- قبل الكارثة: حتى يستطيع الصحفي أن يلعب دوره الاستباقي في الإخبار عن الكارثة وتحذير الجمهور من وقوعها، يجب أن يكون على تواصل مستمر مع الجهات المختصة في الأرصاد الجوية وفي رصد الكوارث الطبيعية ومعاهد المسح الجيولوجي والخبراء في التغير المناخي كي تستطيع هذه الجهات أن توفر له المعلومات اللازمة حول توقع حصول الكوارث قبل مدة زمنية معقولة، ليتمكّن بدوره من إيصال رسائل التحذير المبكر من الكوارث ومن إعداد محتوى إعلامي توعوي يُعرّف بالكارثة وأسباب حصولها وبسبل التوقي منها.

- أثناء وقوع الكارثة: خلال وقوع الكارثة، من المهم أن يقوم الصحفيون أو هيئات البث بإيصال معلومات سريعة حول حجم الخسائر في الأرواح البشرية وفي الممتلكات، وأن يقوموا كذلك ببث النصائح اللازمة للجمهور لإيجاد سبل النجاة، وذلك بالتعاون مع فرق الانقاذ والحماية المدنية. ولكن من المهم أيضًا أن يحاولوا أن يفسروا للجمهور كيف حصلت الكارثة ولماذا وما الذي تسبب في تفاقم نتائجها ليفهم إذا ما كان من الممكن تفاديها وتخفيف الأضرار.

- بعد الكارثة: لا يجب أن ينتهي اهتمام الصحفيين بالكارثة بعد وقوعها، وإنما لابد من العودة إلى الحديث عنها من وقت لآخر للتأكد من مدى استقاء الدروس اللازمة من الأخطاء التي حصلت في الماضي للتصدي لها، ومن أن الوعود التي أُعطيت من قبل السلطات والجهات المسؤولة لتفادي الأضرار قد تم الإلتزام بها، من قبيل تحسين البنية التحتية، وإصلاح الطرقات، وتطبيق الرقابة على معايير البناء، وضع سياسات للتصدي للتغير المناخي. وهنا يأتي دور الصحفيين في تحميل المسؤوليات.

* ملاحظة: ساهمت الكاتبة في مراجعة النسخة العربية من هذا الدرس وأضافت القسم السادس الخاص بتغطية الحد من مخاطر الكوارث في المنطقة العربية.

 بواسطةحنان زبيس
Aug 2, 2024 
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
حنان زبيس
حنان زبيس هي صحفية استقصائية تونسية، عضو الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية (ICIJ) ومدربة في الصحافة البيئية والصحية. حاصلة على العديد من الجوائز العربية والعالمية منها جائزة سمير قصير لحرية الصحافة.