سؤال أرق منامي وعكر مضجعي
كيف حالك ياجدتي الصفية؟ أومازلت تعتقد أن لديك جدة اسمها صفية؟ معذرة ياجدتي ، وهل يستطيع أحد أن ينسى أو يتناسى تلك العين النقية الجارية الصافية من فرات الحكمة والبيان؟ لكن الزمن قسا علينا ، بل يشتد قسوة كل يوم ياجدتي ، ما باعد المسافات وقلل اللقاءات والزيارات ، بل أظن يابني أن ضعف الذاكرة لدى الشباب قد أصبح أمرا واضحا ، وخطرا داهما ؛ جراء انتشار المدنية الغربية ، وماتحمله نحو شبابنا وأجيالنا من الأخطار والآفات ...
أقبل رأسك وركبتيك ياجدتي أن تغفري لي زلة الغياب والبعد عن أولي الألباب ، هاقد غفرت لك يابني وتجاوزت عنك ، فما الذي جاء بك؟ لقد جئت لزيارتك ياجدتي ، وكذلك لدي سؤال قد أرق منامي وعكر مضجعي ، وماهو سؤالك الذي أسهرك وعكر مزاجك يابني؟ حين أنظر إلى بلدتنا ياجدتي أجدها تعيش التخلف والجهل والمرض وكأننا مازلنا نعيش في عصور ماقبل التاريخ ، فما أسباب ذلك يا صاحبة الحكمة البليغة وربة الفصاحة والبيان؟ اسمع يابني إن غياب الوازع الديني للقائمين على أمر هذه البلاد ، وإيكال الأمر لغير أهله ، وعدم مراقبة الله في كل أعمالنا ، وانعدام الضمير ، فضلا عن أمور أخرى ساعدت في هذا التدهور والتخلف لهذه البلاد ، وسوف أسرد عليك حكاية قصيرة بخصوص هذا الأمر ، تتضمن شيئا ماثلا من الإجابة على سؤالك ...
هناك ظاهرة سيئة استوطنت بلدتنا وشيء قليل من البلدات المجاورة من غابر الأزمان ، وظلت تلك الظاهرة الأكثر فتكا ، والأعظم فعلا في تدمير أي تطور قد يتسلل نحو سكان هذه الجغرافية ، إنها ظاهرة الحسد ، وماشأن التطور بالحسد ياجدتي؟ على رسلك يابني ، فأنا لما أبدأ في الحكاية بعد ! أعرف أحدهم حباه الله الكثير من الذكاء الفطري ، والموهبة الفذة ، فضلا عما اكتسبه من العلوم والمعارف في أثناء مسيرته العلمية ، الأمر الذي جعله يؤلف بضعة كتب علمية ، ومثلها من القصص والروايات ، قام بوضع نسخ منها في المكتبات والمراكز العلمية ، عند ذلك علم زملاؤه وأقرانه من أبناء بلدته بالأمر ، فثارت ثائرة الحسد في عقولهم ، ورانت البقع السوداء على قلوبهم ... معذرة يابني فالديك قد أزعجنا بالصياح ، والكلب قد صمت عن النباح ، وشعاع الفجر قد لاح ، والحكاية قد بلغت المتاح ...


