الجودة ام العودة

بقلم: أ.د مهدي دبان 
 
تعاني العملية التعليمية في اليمن من تحديات كبيرة نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة، مما يؤثر بشكل مباشر على التعليم الأساسي والثانوي والجامعي فالانهيارات الاقتصادية المتلاحقة أثرت بشكل واضح على رواتب المعلمين واثقلت كاهل الأسر مما أدى إلى تدني مستوى معيشتهم، كما أن البنية التحتية تعرضت في  المدارس والجامعات للتدمير أو الإهمال أدى ذلك إلى بيئة تعليمية غير ملائمة وأثر بشكل واضح على استمرارية وانتظام العملية التعليمية وانعدام دعم الأبحاث والمشاريع التي تساهم في حل المشكلات المحلية  ...

وفي خضم هذه التحديات ظهرت لنا في الآونة الأخيرة مصطلحات فرضتها علينا العولمة والتطورات المضطردة في بلدان العالم ومؤسساتها التعليمية المستقرة والتي تحاول أن تحسن من مخرجاتها بعد أن أرست القواعد و تجاوزت ذلك إلى الاهتمام بإدخال تلك المصطلحات والمفاهيم إلى قاموسها ومنها مصطلح الجودة والاعتماد الأكاديمي والتصنيفات العالمية المختلفة القائمة على معايير دولية أو إقليمية. .

ان ادخال تلك المفاهيم في العملية التعليمية في بلادنا في وجهة نظري -المطروحة معكم للنقاش- مثل الذي يقوم بتحسين واجهات و حيطان المنزل بالطلاء والمساحيق لتجميله وإعطائه المنظر البراق الذي يخطف القلوب والابصار في ظل أن ساكنيه يتضورون جوعا وقواعد البيت واهنة و اساساته خاربة وآيل للسقوط في أي لحظة على رؤوس ساكنيه .. العبث في صرف الملايين في تحسين واجهات منزل على حافة الانهيار  بحجة الجودة والتحسين لهو العبث بعينه..اقول أننا لسنا بحاجة للجودة في الوقت الراهن كحاجتنا للعودة إلى ما كنا عليه قبل سنوات من انتظام العملية التعليمية والاهتمام بالمعلم والاستاذ الجامعي في معيشته والاهتمام بالبنية التحتية لهذه الصروح الأكاديمية والتعليمية وإبعاد ايدي العابثين عنها قبل أن نفكر و نصرف الملايين على تحسين جودة العملية التعليمية المقتصرة فقط على البرامج والمقررات الأكاديمية و متناسية البيئة الملائمة من جميع النواحي للمعلم والطالب بما فيها البنية التحتية...في وجهة نظرى العودة اولا إلى ماكنا عليه ومن ثم الجودة ....