هيومن رايتس ووتش: الحوثيون يعرقلون المساعدات ويفاقمون تفشي الكوليرا

هيومن رايتس ووتش: الحوثيون يعرقلون المساعدات ويفاقمون تفشي الكوليرا

وكالات/أبين الآن 

خلال تفشي الكوليرا الأخير في اليمن من 2016 إلى 2022، كان لدى اليمن 2.5 مليون حالة مشتبه بها.
نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الأربعاء، بعرقلة أعمال الإغاثة وتفاقم تفشي الكوليرا القاتل في أنحاء اليمن.

ودانت المنظمة في بيان لها نشرته على موقعها الإلكتروني أطراف النزاع، بما فيها الحوثيون والحكومة اليمنية و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بعرقلة المساعدات والوصول إلى المعلومات، ولم تتخذ تدابير وقائية كافية للتخفيف من انتشار الكوليرا. كما احتجز الحوثيون موظفي المجتمع المدني وهددوهم، بمن فيهم عمال الإغاثة الإنسانية، ضمن حملة اعتقالات أخيرة.

وذكرت المنظمة أن البيانات التي جمعتها وكالات الإغاثة تشير إلى أنه من 1 يناير إلى 19 يوليو، كان هناك حوالي 95 ألف حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا، ما أدى إلى وفاة 258 شخصا على الأقل، وفقا لشخص يعمل مع "مجموعة الصحة في اليمن"، وهي مجموعة من منظمات الإغاثة والسلطات والجهات المانحة، بقيادة "منظمة الصحة العالمية".

وطالبت المنظمة جميع أطراف النزاع بإنهاء انتهاكاتهم وتجاوزاتهم لحق اليمنيين في الصحة، وعلى الحوثيين إنهاء اعتقالاتهم التعسفية للعاملين في المجتمع المدني والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية.

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في "هيومن رايتس ووتش": "العوائق التي تواجه أعمال الإغاثة من قبل السلطات اليمنية، وخاصة الحوثيين، تساهم في انتشار الكوليرا. مات حتى الآن أكثر من 200 شخص بسبب هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه، وإقدام الحوثيين على احتجاز عمال الإغاثة يشكل تهديدا خطيرا يفاقم القيود على المساعدات المنقذة للحياة".

وتحدثت "هيومن رايتس ووتش" مع سبعة أطباء يعملون في مستشفيات في مختلف أنحاء اليمن بشأن الاستجابة للكوليرا، ومع العديد من الاختصاصيين الآخرين في الرعاية الصحية.

وتواصلت "هيومن رايتس ووتش" أيضا مع 20 مسؤولا في وكالات إغاثية، من بينهم أطباء وعلماء أوبئة يعملون على الاستجابة لتفشي الكوليرا، ومع مسؤول صحي حكومي. وفي 24 يوليو، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى الحكومة اليمنية والحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي لطلب مزيد من المعلومات.

وذكرت المنظمة أنه ليس من الواضح مصدر تفشي المرض، إلا أن الكوليرا متوطنة في اليمن. ووفقا لـ "المنظمة الدولية للهجرة"، خلال تفشي الكوليرا الأخير في اليمن من 2016 إلى 2022، كان لدى اليمن 2.5 مليون حالة مشتبه بها "وهو أكبر تفشي للكوليرا تم الإبلاغ عنه على الإطلاق في التاريخ الحديث"، مع أكثر من 4 آلاف وفاة.

ووفقا للمنظمة، رغم هذه الخسائر الفادحة في الأرواح، لم تتخذ السلطات التدابير اللازمة لمنع تفشي المرض في المستقبل. تنتشر الكوليرا إلى حد كبير عن طريق المياه والمنتجات الزراعية، مثل الفواكه والخضروات، مع ذلك، لم تتخذ السلطات والجهات المانحة تدابير كافية للاستثمار في البنية التحتية الكافية للمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، في جميع أنحاء اليمن، ولم تبادر إلى توعية المجتمعات المحلية بشأن الممارسات الفعالة والوقائية في مجال النظافة والزراعة.

ووفقا لما قاله طبيب يعمل مع منظمة إغاثية في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، لـ"هيومن رايتس ووتش"، رغم أن أعراض الكوليرا بدأت تظهر على المرضى منذ نوفمبر 2023، رفضت سلطات الحوثيين الاعتراف بالأزمة للوكالات الإنسانية حتى 18 مارس 2024، عندما كان هناك بالفعل آلاف الحالات. وفي مارس، بدأ الحوثيون أخيرا بتقديم معلومات حول حالات الكوليرا في الأراضي التي يسيطرون عليها، لكنهم لم يعلنوا عن تفشي المرض.

وقالت مصادر الوكالات الإنسانية للمنظمة إن السلطات، ولا سيما الحوثيين، ضغطت على وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لوقف نشر البيانات العلنية عن حالات أو وفيات الكوليرا. ومنذ 30 أبريل، لم تعلن منظمة الصحة العالمية عن أي بيانات جديدة حول عدد حالات الكوليرا المسجلة.

ومع ذلك، قالت مصادر لـ"هيومن رايتس ووتش" إن أعداد الحالات زادت بسرعة منذ أبريل، عندما أبلغت منظمة الصحة العالمية عن أرقام الحالات آخر مرة. أفاد "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا) في 12 مايو أن هناك حوالي 500 إلى ألف حالة جديدة كل يوم، وأن "الشركاء في مجال الصحة يتوقعون أن يتراوح العدد الإجمالي للحالات من 133 ألف إلى 255 ألف حالة بحلول سبتمبر 2024".

وأوضحت المنظمة أن إقدام السلطات الحوثية على عرقلة وصول المساعدات عبر الشروط البيروقراطية الشاقة وغير المبرَّرة فاقم انتشار الكوليرا. ورغم دعوة وكالات الإغاثة إلى تقديم المساعدات والتمويل بعد تفجّر أعداد الحالات خلال الربيع، تستمر السلطات في فرض شروط معقّدة على الوكالات من أجل الاستمرار في نشاطاتها، وقد توقف العديد من البرامج في انتظار التصاريح.

والتقت الحكومة اليمنية بـ"هيومن رايتس ووتش" وأوضحت أن العديد من القيود التي تواجهها في معالجة تفشي الكوليرا مرتبطة بنقص التمويل. وقدمت أيضا معلومات توضح الإجراءات التي اتخذتها لإبلاغ اليمنيين بتفشي المرض.

كما رد المجلس الانتقالي الجنوبي قائلا إنه على "هيومن رايتس ووتش" توجيه أسئلتها إلى الحكومة اليمنية، رغم أن المجلس الانتقالي الجنوبي يضم جزءا من "مجلس القيادة الرئاسي" للحكومة اليمنية المكون من ثمانية أعضاء والذي حل محل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي عام 2022. يقود أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي أيضا وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الشؤون الاجتماعية، وكلاهما يتعامل مع المساعدات الإنسانية، وكانتا ضالعتين في عرقلة المساعدات. لم يرد الحوثيون على استفسارات "هيومن رايتس ووتش".

ويشهد اليمن نزاعا منذ نحو 10 سنوات. ومنذ مارس 2015، نفّذ تحالف بقيادة السعودية والإمارات ومرتبط بالحكومة العديد من الضربات الجوية العشوائية وغير المتناسبة، ما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وضرب المباني المدنية، بما فيها المستشفيات، في انتهاك لقوانين الحرب. ودمرت الأطراف المتحاربة ما لا يقل عن 120 منشأة طبية، بالإضافة إلى مرافق للمياه والصرف الصحي.

واعتقلت سلطات الحوثيين أيضا ما لا يقل عن 12 من موظفي "الأمم المتحدة" والمجتمع المدني منذ 31 مايو، وقالت مصادر مطلعة لـ"هيومن رايتس ووتش" إن عدد المحتجزين مستمر بالتزايد. 

ووفقا للمنظمة، تركت الاعتقالات العديد من الوكالات تتساءل عما إذا كانت ستستمر في تقديم المساعدات الإنسانية بأمان في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أو كيف ستستمر، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تفاقم تفشي الكوليرا الحالي.