الحالة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وانعكاسها على سلوكيات أفراد المجتمع ( حادثة علياء الميهال انموذجا ) ..!! 

وأنا أتابع المواقف وردود الفعل حول حادثة علياء الميهال مع الرجل المسلح ، وجدت بأن هناك تباين واضح وانقسام كبير بين متعاطف ورافض ومحرض ومؤيد ومتعصب لهذا الطرف أو ذاك ، والقليل هم الذين حاولوا تشخيص الحادثة وتحليلها اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا ، بعيدا عن الاستغلال السياسي ، وبعيدا عن التعصب الذكوري والأنثوي ، وبعيدا عن تبرير هذا الطرف أو ذاك ، وأنا أضم صوتي إلى هذا الفريق ، فالطرفين قد يكونا ضحية واقع اجتماعي واقتصادي ونفسي متردي وسلبي ، نتيجة الاوضاع السياسية المضطربة والحرب المستمرة منذ أكثر من 10 أعوام ، فالتوتر النفسي والانفعال السلوكي هما سيدا الموقف في التعاملات المجتمعية اليومية ، فالكثير من أفراد المجتمع اليمني وتحت تأثير الضغوط الهائلة من كل الاتجاهات لم يعودوا يمتلكوا القدرة على الصبر والتحمل والحوار والنقاش ، وبمجرد خلاف بسيط حتى في الرأي سرعان ما. يتحول الموقف إلى مشاداة كلامية واستخدام ألفاظ بذيئة وقد يتطور الموقف للعنف واستخدام السلاح في حال تواجده ..!! 

وايضا لا ننسى الدور الكبير للانقسامات السياسية والحزبية والمذهبية الناتجة بسبب الحرب والصراع الدائر في اليمن ، فالموالين للسلطات الحاكمة في مناطق نفوذها وسيطرتها يستقوون بالسلطة ضد خصومهم خصوصا إذا كانوا من المعارضين لها ، وتراهم وهم ينصبون أنفسهم في موقف السلطة ويكيلون الاتهامات والخيانات للخصوم ، وقد يتمادون إلى إصدار التهديد والوعيد للطرف الآخر ( الرجل المسلح إنموذجا ) ، ما يدفع بالاطراف المعارضة إلى الانسحاب لتجنب المزيد من التصعيد الذي لن يكون في مصلحتهم ، والجديد في حادثة علياء المنهال هو اعلان تمردها وتحديها للسلطة الحاكمة الواقعة تحت نفوذها وسيطرتها ، من خلال مهاجمتها للرجل المسلح بألفاظ عدائية كرد فعل على ما بدر منه تجاهها ، وهذا وضع غير طبيعي ولا يمكن أن يصدر إلا من إنسان له ظروف خاصة واستثنائية دفعته لفعل ذلك ، وبالفعل علياء الميهال حسب المعلومات الواردة قد تعرضت لظروف استثنائية وضغوط نفسية كبيرة ، فقد فقدت ولدها أمام عينيها وتعرضت للاعتقال والحبس وغيرها من الضغوط النفسية والاجتماعية ، التي أوصلتها لهذه الحالة من اللا مبالاة ، وجعلتها تتحدى السلطة الحاكمة دون خوف من عواقب ذلك ..!! 

فالصدمات النفسية الكبيرة والمتكررة هي من توصل الانسان لهكذا وضع من التحدي واللا مبالاة ، لأنها توصل الانسان إلى حالة لا يعود فيها يخاف من العقاب والعذاب وحتى من الموت ، خصوصا إذا تسببت الصدمات النفسية والاجتماعية إلى فقدانه أغلى ما يملك وما يحب ، فهو في هكذا وضع لم يعد يخاف من خسارة أي شيء ، فهو في قرارة نفسه قد وصل إلى قناعة بأنه قد خسر كل شيء ولم يعد لديه أي شيء يمكن أن يخاف عليه أو يخسره ، أو يجعله يتراجع عن مواقفه ، أو يجعله يخاف من ما قد يتعرض له ، وهذا بالضبط هو وضع علياء الميهال حسب المعلومات الواردة عنها ، والتي يبدو انها صحيحة كونها تفسر الحالة التي وصلت إليها ، ويبدو بأن السلطة الحاكمة في صنعاء تتعامل معها على هذا الاساس ، فمن غير المنطقي أن تدخل في مواجهة مع شخص لم يعد يمتلك أي شيء يخاف عليه ، ولم يعد يخاف من العقاب والحبس وحتى من الموت ، لذلك على الذين يسعون إلى تحريض السلطة ضد علياء أن يدركوا أن مساعيهم سوف تبوء بالفشل ، فالسلطة ليست على استعداد للدخول في مواجهة مع شخص انتحاري لا فرق لديه بين الحياة والموت ، بل إن مواقف علياء وفيديوهاتها توحي بأنها هي من تبحث عن ذلك ، فلا داعي لتخويفها بذلك لأنها قد تجاوزت هذه المراحل ، فمن يعمل هكذا مواقف ويتحدى السلطة ويعارضها جهارا نهارا هو شخص يمتلك مناعة من الخوف ، هو شخص لم يعد يخاف من الموت نفسه ..!!