لأنهم أحبوا الجنوب حتى الموت
في لحظات من الصمت يتردد صدى أسمائهم في قلوبنا. أولئك الذين لم يتراجعوا خطوة واحدة، حتى عندما كانت السماء تمطر نيرانًا، والأرض تئن تحت وطأة الجراح. إنهم ليسوا مجرد قادة، بل أرواح خالدة نقشت في قلب كل جنوبي، لأنهم أحبوا الجنوب حتى الموت.
هل تساءلتم يومًا لماذا نفخر بقياداتنا العسكرية والأمنية؟ ليس لأنهم حملوا السلاح فقط، بل لأنهم حملوا همومنا وأحلامنا وآمالنا. لأنهم عندما وقفوا على خط النار، لم يكن في قلوبهم شيء إلا حب الجنوب ورغبة جامحة في حمايته. هم الذين دافعوا عنا ونحن نائمون بأمان في بيوتنا، هم الذين سهروا الليل بينما كنا نغرق في أحلامنا، أحلام بناها لنا تضحياتهم.
الشهيد العميد يسران الحوشبي، قائد اللواء العاشر صاعقة، هو واحد من هؤلاء. لم يكن فقط قائدًا، بل كان قلبًا ينبض بشجاعة لا متناهية. استشهد في ساحات العزة، مخلفًا وراءه حكاية لن ينساها الجنوب أبدًا. كان يعرف أن الموت قد يكون قريبًا، لكنه لم يتراجع، لأن قلبه كان أكبر من الخوف، وكان حبه للجنوب أكبر من الحياة نفسها.
وكيف لنا أن ننسى الشهيد العميد هدار الشوحطي، قائد اللواء الرابع دعم وإسناد، الذي سقط وهو يدافع عن الدين والأرض والعرض في تلك اللحظة التي لامست فيها روحه السماء، لم يكن يفكر إلا بالجنوب، بالأرض التي لن يتركها للعدو مهما كلفه الأمر. كان يعرف أنه يضع روحه على كف، لكنه كان مستعدًا، لأنه كان يؤمن أن التضحية من أجل الجنوب هي الشرف الأعظم.
الشهيد العميد منير اليافعي، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، الذي استشهد وهو يقود كتيبة لتحمي مكتسبات الثورة الجنوبية، هو تجسيد للوفاء الذي لا يموت. كان يعرف أن المعركة قد تكون الأخيرة، لكنه كان يرى في عيون جنوده الأمل الذي يستحق أن نحارب من أجله. استشهد لأنه كان يرى في الجنوب وطنًا يستحق كل شيء، حتى الحياة.
وها هو الفقيد اللواء صالح السيد، مدير أمن لحج وأركان حرب قوات المشاة البرية الجنوبية، الذي وافاه الأجل وهو يعد العدة للدفاع عن الجنوب. كان يجهز الدبابة كما لو كان يجهز مستقبلنا، مستقبلًا لا مكان فيه للخوف، بل مليء بالأمان والسلام. لم يتراجع حتى لحظاته الأخيرة، لأن الجنوب كان دائمًا في قلبه ودمه.
وكيف لنا أن ننسى الشهيد العميد عبداللطيف السيد، قائد قوات الحزام الأمني في محافظة أبين، الذي استشهد وهو يطهر أرض الجنوب من الإرهاب. لم يكن يرى في الموت نهاية، بل بداية لجنوب جديد، جنوب نقي من الخوف والظلام. لم يتردد للحظة، لأن الجنوب كان يستحق أن يكون نقيًا وآمنًا، حتى لو كان الثمن حياته.
وعندما نذكر أبطال الجنوب، لا يمكننا أن نتجاهل الشهيد اللواء ثابت جواس، الذي قدم حياته في سبيل الدفاع عن كرامة الجنوب وشرفه. كما أن الشهيد النقيب كرم المشرقي، قائد قوات الحزام الأمني في مديرية الشيخ عثمان، كان من أولئك الذين وقفوا في وجه التحديات بكل شجاعة، واستشهد وهو يحمي شعبه ووطنه.
ولم يكن الشهيد اللواء سيف اليافعي، بطل آخر من أبطال الجنوب، إلا تجسيدًا للإرادة الصلبة والتفاني الذي لا يعرف الحدود. استشهد وهو يقدم أروع الأمثلة على التضحية من أجل وطن يحبه.
هؤلاء ليست مجرد أسماء، إنها قصص حب لا ينتهي، قصص عن رجال أحبوا الجنوب حتى الموت. رجال تركوا خلفهم إرثًا لا يمكن أن يمحوه الزمن، لأنهم لم يكونوا فقط قادة، بل كانوا قلوبًا تنبض بحب الجنوب.
هل تظنون أن أبناء الجنوب سيتخلون عن حلمهم باستعادة دولتهم؟ بعد كل هذه التضحيات، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ كيف يمكن لقلوبنا أن تنسى كل دمعة وكل صرخة وكل لحظة فقدنا فيها أحد أبطالنا؟ لا، لن ننسى. بل سنواصل الطريق، لأننا نعلم أن استعادة الدولة الجنوبية هو استعادة لكرامتنا، لأحلامنا، لأمننا واستقرارنا.
لن نتوقف، لأن الحب الذي زرعوه في قلوبنا أقوى من أي يأس. لن نتوقف، لأننا تعلمنا من أبطالنا أن الجنوب يستحق أن نضحي من أجله. سنواصل المسير، وسنحمل معهم شعلة الأمل، لأنهم علمونا أن الحب الحقيقي هو أن تحب وطنك حتى الموت.