الجن تبكي شهداء دثينة

بقلم : أبو زين ناصر الوليدي

دخلت دثينة الإسلام على يد معاذ بن جبل واعتنقته بعمق ورأت فيه فلاح الدنيا والآخرة، فضحت في سبيله بالغالي والنفيس ووضعت ثقلها كله في خدمة هذا الدين العظيم وخرجت من ديارها في دثينة تحمل على ظهور الإبل أطفالها ونساءها يقطعون الأرض طلبا لمرضاة الله ونصرة لدينه. فلم يعد لهم مشروع ولا حلم ولا هدف في الحياة إلا نصرة هذا الدين والاستشهاد في سبيل الله حتى قال الحارث النخعي : كان الرجل منا تنتج فرسه فينحر ولدها ويقول : أنا أعيش حتى أركب هذه ؟!!! 
صحيح الأدب المفرد للبخاري ص١٨٠

وذكر أبو الربيع الكلاعي في كتابه الاكتفاء(2/ 416) أنه خرج إلى العراق لحضور معركة القادسية مع سعد ثلاثمائة بيت من النخع(دثينة)، فيهم سبعمائة امرأة. وكانت دثينة تحت قيادة يزيد بن كعب النخعي. 
وقد زحفت فارس في أكثر من سبعين ألف مقاتل ومعهم قادة جيوشهم يقودهم أعظم قائد عرفه الفرس وهو القائد رستم ومعهم الفيلة وكافة أنواع الأسلحة المتاحة في تلك الأيام، وكانت معركة لم يعرف الفرس ولا العرب مثلها استمرت عشرة أيام وثبت المسلمون ثباتا أسطوريا رغم قلة عددهم إذ كان عددهم لا يصل إلى عشرة ألف، ما يقارب ثلثهم من دثينة وأكثر الباقين من بجيلة ومراد وكندة، وكاد الفرس أن يسحقوا ميمنة الجيش حيث يتركز وجود النخع فثبت النخع حتى أبيد الكثير منهم ولكن لم يكن أمامهم إلا الثبات أو الشهادة حتى قتل قادتهم تحت راياتهم مقبلين غير مدبرين، فهذه المعركة ستحدد مصير الإمبراطورية الفارسية وقد قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية (9/ 630) : وكانت العرب من العذيب الى عدن أبين يتربصون وقعة القادسية هذه ويرون أن ثبات ملكهم وزواله بها، وقد بعث أهل كل بلدة قاصدا يكشف ما يكون من خبرهم. 
وفي ليلة من الليالي وفي منتصف الليل سمع أهل صنعاء صوت امرأة من الجن لا يرونها وهي تقول :
فحيتك عنا عكرم ابنة خالد 
وما خير زاد بالقليل المصرد 

وحيتك عني الشمس عند طلوعها 
وحياك عني كل ناج مفرد 

وحيتك عني عصبة نخعية 
حسان الوجوه آمنوا بمحمد 

أقاموا لكسرى يضربون جنوده 
بكل رقيق الشفرتين مهند 

إذا ثوب الداعي أناخوا بكلكل 
من الموت مسود الغياطل أجرد. 

فعرف الناس ما كتبه الله من النصر في القادسية.  

  
.