أبين.. معاناة التعليم والفساد
(أبين الآن)خاص
كتب: صالح البخيتي
تعتبر محافظة أبين مكاناً يحمل في طياته الأمل والطموح، إلا أنها تعاني من أزمات متعددة، منها الفساد والمحسوبية التي تعيق تقدم الشباب وتؤثر سلباً على مستقبلهم، من خلال متابعتي لقصة الأستاذ شفيق سعيد صالح الداوودي، أحد أبناء مديرية سرار يافع بمحافظة أبين سنسلط الضوء على الواقع التعليمي في المحافظة وكيف أن الفساد أصبح جزءاً لا يتجزأ من النظام التعليمي، مما يؤدي إلى إحباط الأجيال القادمة.
رحلة شفيق الداوودي: من التميز إلى الإحباط
بدأ الأستاذ شفيق رحلته التعليمية في كلية التربية في زنجبار قسم اللغة الإنجليزية، حيث برز كأحد الطلاب المتفوقين بين أكثر من مئة طالب، حصل على المركز الأول في دفعته، وهذا الإنجاز لم يكن مجرد صدفة، بل كان ثمرة جهد مضنٍ ودراسة متواصلة، لكن مع ذلك، واجه شفيق عقبة كبيرة عندما حاول الانتداب في الكلية ذاتها، حيث تم رفضه بينما تم قبول زملائه الذين لم يحققوا نفس المستوى من التميز، هنا يطرح السؤال: هل هناك معايير عادلة تتبع في مثل هذه القرارات، أم أن المحسوبية تلعب دورها في تحديد من يستحق ومن لا يستحق؟
هذا النوع من المحسوبية قد يؤثر على مستقبل الكثير من الشباب الذين يسعون لتحقيق أحلامهم. كيف يمكن للطلاب أن يواصلوا سعيهم نحو التميز إذا كانت الفرص تُمنح بناءً على العلاقات الشخصية بدلاً من الجدارة الأكاديمية؟ هذه التساؤلات تثير قلق الكثيرين في أبين، حيث يبدو أن النظام التعليمي يحتاج إلى إصلاح جذري.
التحديات في الحصول على الماجستير
رغم الإحباط الذي واجهه، لم يستسلم شفيق، بل قرر مواصلة دراسته للحصول على درجة الماجستير، وأعتبر هذه الخطوة بمثابة أمل جديد يفتح له أبواب الفرص، وبعد عام من العمل الجاد والدراسة، أنهى الماجستير بتقدير ممتاز ،ومع ذلك، فوجئ برفضه مرة أخرى في الكليات رغم وجود ست كليات في جامعة أبين مما يثير التساؤلات حول مصير الجهود المبذولة.
أين تذهب هذه الجهود إذا كانت الأحلام تُقضى عليها بسبب الفساد والمحسوبية؟ لماذا يُهدر مستقبل الشباب بسبب فساد مستشرٍ يعصف بجميع المجالات؟ إن الحالة التي يعيشها شفيق ليست فردية بل تمثل واقعاً يعاني منه الكثيرون في أبين، حيث يُعتبر الفساد عائقاً رئيسياً أمام تحقيق الطموحات.
الدكتوراه والتحدي الأقصى
لم ييأس شفيق رغم كل هذه العقبات، بل قرر التوجه نحو تحدٍ أكبر وهو دراسة الدكتوراه، كان يأمل أن تكون هذه الخطوة بمثابة المفتاح لتحقيق أحلامه وأحلام زملائه، ولكن هل يكفي الجهد المبذول وسط نظام يفتقر إلى العدالة؟ إن ما يحدث في أبين ليس مجرد ظاهرة فردية، بل هو واقع معقد يعاني منه الكثيرون، الفساد والمحسوبية أصبحا عائقين رئيسيين يؤثران على مستقبل الأجيال.
في ظل هذا الوضع، لجأ شفيق إلى الدعاء، معرباً اعن أمله في أن يزول الفساد من جذوره، وأن يُفتح أمام المخلصين في التعليم أبواب الرحمة والعدل، إن الحاجة إلى مسؤولين يتسمون بالنزاهة والعدالة أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى، يجب أن يُحترم الجهد الأكاديمي، وأن تُعطى الفرص لمن يستحقها.
نداء إلى كل المسؤولين
ووجه شفيق نداءً إلى جميع المسؤولين في أبين، داعياً إياهم للنظر في قضيته وقضايا زملائه قال: "تعالوا واطلعوا على ملفات المعينيين في الكليات، وراجعوا مؤهلاتهم ومعدلاتهم". هذه الدعوة ليست مجرد كلمات، بل هي تعبير عن الإحباط الذي يشعر به الكثيرون في محافظة أبين، إذا لم تُتخذ خطوات فعلية لتصحيح الوضع، فلن يُعفى أحد من المساءلة.
إن الأمل لا يزال موجوداً، وثقة شفيق بالله كبيرة، حيث يستمر في الدعاء بأن يُظهر الله عجائب قدرته،في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع التغيير، يستمر العمل الجاد من قبل الشباب لتحقيق أحلامهم، على أمل أن يأتي يوم تُسترد فيه الحقوق ويُحقق الأمل.
في النهاية، يمكن القول إن أبين ليست مجرد محافظة، بل هي رمز للصمود والتحدي، نحتاج إلى العمل معاً لإعادة بناء واقع أفضل لأبنائنا، حيث تُحترم الكفاءات وتُعطى الفرص لمن يستحق،وإن الفساد لن يدوم، وسيأتي يوم نرى فيه التغيير الحقيقي الذي يتطلع إليه الجميع،إن الأمل موجود، ويجب أن نؤمن بأننا سنحقق ما نصبو إليه، من خلال العمل الجماعي والإصرار على التغيير.