لا ادري بأي ضمير
خرجت اليوم الجمعة من منزلي حوالي الساعة العاشرة صباح من أجل شراء نصف كيلو من السمك لأن بناتي وازواجهم واحفادي يأتون عندنا كل يوم جمعة نتغذاء مع بعض وهذه عادة ورثنها من أهالينا من زمان وصارت تقليد اسري وهي من العادات الحميدة في مدينة عدن وفي هذا اليوم يجتمع كل افراد العائلة اولادي واولادهم وزوجاتهم الكل يجتمع عندي في بيتنا المتواضع البنات والأولاد والحفيدات والأحفاد والحمدلله على الصحة والعافية وستر الحال وعلى الألفة والمحبة والوشائج الأسرية ولمة الشمل الطيبة والتي ارجوا من الله ان تستمر إلى مالا نهاية ويتوارثوها اولادنا وبناتنا واحفادنا وحفيداتنا من بعدنا جيل بعد جيل إن شاءالله تصوروا كل هذه اللمة الأسرية على نصف كيلو سمك يكفي من ولّا من ولكننا عايشين بالرضا والقناعة ونأكلها هنيئة والله يبارك بالرزق الحلال٠
وعودة لموضوع خروجي من البيت بغرض شراء نصف كيلو من السمك من أجل عمل وجبة الصيادية التي يحبوها الأولاد في مثل هذه اللمة الأسرية ولا أطيل عليكم وصلت إلى محل السمك الكائن بين بلوك (٥) وبلوك (٤) بالمنصورة طبعاً مالك المحل من جيراننا في بلوك (١٢) والعمال برضة معروفين معنا وبعضهم من اصدقاء اولادي المهم وصلت وكان هناك شخص امامي جاء قبلي لشراء السمك وقد قطّع له الصياد ووزن له حوالي نصف كيلو من السمك الثمد وإذا بالرجل يخرج من جيبه المبلغ وإذا بالمبلغ ناقص وكان الرجل محرج يبحث في اجيابه كلها ولكن دون جدوى مما اضطر الرجل ان يقول لصاحب السمك العفو منك نقصت عليا الفلوس فأشار علي صاحب مفرش السمك بأن آخذ السمك المقطع والموزون لذلك الرجل لأن طلبي انا ايضاً نصف كيلو سمك ثمد فشعرت بالحرج لأن ظروفي انا ايضاً لا تختلف عن ظروف ذلك الرجل حتى اقدر اساعده فسألت الرجل كم المبلغ الناقص وقال لي وهو محرج الف ريال وكان سعر الكيلو السمك الثمد اليوم (١٢) الف ريال يعني النصف كيلو ب (٦٠٠٠) ريال وانا نفسي المبلغ الموجود معي هو (٦٠٠٠) الف ريال فقط فأشرت لصاحب المفرش والذي يعرفني ويعرف اولادي ان يعطيه السمك وسوف ادفع له انا الناقص في وقت أخر فوافق صاحب المفرش واعطا الرجل النصف الكليو الخاص به وشكرنا الرجل وانا اهون عليه وهو يقولي فين بيتك فين ساكن علشان ارد لك المبلغ إن شاء الله قلت له ولا تحمل هم اليوم انته وبكرة انا الأمور طيبة والدنيا بخير أخي روح واتغذى أنت والاولاد الله يفتح عليك وغادر الرجل المكان وهو مبسوط ومجبور خاطره٠
بالله عليكم ياناس بأي ضمير وباي قلوب يعيشون هولاء الوزراء والقادة والمسؤولين الكبار يأكلون ويسرحون ويمرحون ولا هامين اي حاجة عايشين هم واولادهم وحاشيتهم في نعيم ولا يهمهم من يعيش او من يموت من يمرض ومن يجوع ويتحدثون عن الوطن وعن الوطنية وعن النضال وعن الإنسانية وكل هذه الأمور براء منهم قاتلهم الله٠
إذا كان انا موظف دولة بدرجة مدير عام وراتبي ما يكفيش إلى نصف الشهر وهذه الستة الألف مخبي لها في مكان سري في البيت حتى لا تصل إليها اي يد علشان هذا اليوم اشتري بها نصف كيلو سمك اضيف به اولادي يوم الجمعة كيف بالمساكين الذين ليس لديهم عمل ويعملون بالأجر اليومي او بالذي راتبه ضئيل جداً والبعض الآخر يجي راتبه بعد شهرين وقده مديون على عدد شعر رأسه وهؤلاء آكلين المال العام والحوافز والمكافأت والنثريات والرواتب المغرية بالعملات الأجنبية والمحلية وآكلين ارواحنا وشاربين دمائنا مثل دراكولا وآكلين لحوم البشر وعادهم يقولون هل من مزيد مثل جهنم ولا واحد منهم يتصدق او يواسي اسرة فقيرة او محتاج اومسكين او يساعد موظفيه الذين يعلم بحالهم وظروفهم المعيشية او من جيرانه القربين من مسكنه لكن ولا شيئاً من هذا يحصل٠
بأي ضمير وقلوب يعيشون هؤلاء الوزراء والقادة والمسؤولين الكبار (ألا يظن أولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لربِّ العالمين)٠٠٠!
#المريسي٠