وعي.. كيف نفهم ان تعارض بعض آيات القرآن ظاهرياً.!!
للوهلة الأولى يرى القارئ لبعض آيات القرآن الكريم انها متعارضة المعاني ولكنه حين يغوص في لجة البحث لا يجد اي تعارض أبداً بين آيات القران الكريم ومن ذلك قوله سبحانه :
( واذا أردنا ان نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) الاسراء 16
وقوله ( قل ان الله لا يأمر بالفحشاء..) الاعراف 28
فهاتان الآيتان نراهما في الظاهر متعارضتان في المعنى بينما هما ليستا متعارضتان البتة.. كيف ذلك.؟!
حين نقرا الآية الاولى نجد ظاهر الفهم ان الله أمر المترفين بالفسق في القرية فدمرها..ولكن يجب ان نفهم حقيقة الامر من وجهين:
الأول : يجب ان نفهم ان هناك تقدير لغوي في قوله تعالى:( امرنا مترفيها ففسقوا فيها) وهدا التقدير معناه: أمرنا مترفيها باتباع الشرع فأعرضوا وفسقوا في القرية فاستحقوا العذاب على عصيانهم اوامر الله ذلك ان القاعدة الشرعية تقول:( لاعقاب الا بمخالفة) فاذا أمر الله قرية باتباع الشرع وبطاعة الرسول فلم يجيبوه وجاهروا بالمعصية والعداوة للدين والرسول وفسقوا في تلك القرية ولم يتبعوا رسل الله.. دمر الله قريتهم جزاءً بما كانوا يعملون.
وهكذا يجب ان نفهم معنى الآية ( واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فدمرناها تدميرا).
ولو انهم اتبعوا رسل الله وشريعته لنجوا من العذاب وان عاندوا وجاهروا بمعصية الله ورسله عندئذ يدمرهم الله.
وهكذا نصل الى فهم نص الآية فهماً صحيحاً بانها لا تتعارض مع الآية الثانية في هدا الباب:
( قل ان الله لا يأمر بالفحساء).
الوجه الثاني: قال بعض العلماء : ان الامر الصادر من الله ينقسم الى قسمين:
1- امر كوني
2- امر شرعي
فالأمر الكوني لا يستلزم محبة الله ولابد ان يقع وامر الله في الآية ( امرنا مترفيها) امراً كونياً ففسق اولئك القوم واقع بامر كوني كقوله تعالى:( ولو شاء الله ما اقتتلوا) وهنا امراً كونياً لا يستلزم محبة الله تعالى.
واما قوله تعالى:( قل ان الله لا يأمر بالفحشاء) فهو امر شرعي.
فارادة الله كونية وشرعية.. وقضاء الله كوني وشرعي.. وقدر الله كوني وشرعي .. واذن الله كوني وشرعي.. وحكم الله كوني وشرعي.
وهكذا فان بعض اوامر الله شرعية وبعضها كونية، فالله عز وجل شرعاً لا يأمر بالفحشاء بل يأمر ( بالعدل والاحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء. المنكر والبغي).
فكوناً: قد يأمر الله ويحكم ويقضي بشئ من الفحشاء والفسق لايستلزم محبة الله عز وجل..
وعلى هذا الاساس يجب التفريق بين الامر الكوني والامر الشرعي وان نفهم ان امر الله لمترفي القرية امراً كونياً. لا يستلزم محبة الله.
ومعنى الكوني: انه كائن لامحالة فلا علاقة للانسان فيه.
ومعنى الأمر الشرعي: ان الانسان ملزم به كونه مختص بالانسان ويفرض عليه محبة الله لان الله لا يأمر بالفحشاء ولكن بالعدل والاحسان وبكلما يصلح للانسان في حياته دنيا واخرة وهنا وجبت طاعة الانسان لله ورسله في ذلك.